محمد حامد البستاوي مدير عام المنتدى
عدد المساهمات : 311 نقاط : 26773 مظهر الاعضاء : 0 تاريخ التسجيل : 15/01/2011 العمر : 33
| موضوع: ركبت الخيول وقاتلت الفرنسين المرأة المصرية أيام بونابرت قوة وشجاعة السبت فبراير 12, 2011 10:01 pm | |
| [flash][/flash]في كتابه "المصريون وحملة بونابرت.. المشايخ والأقباط والمرأة" يؤكد حلمي النمنم أن القول بأن المرأة المصرية بدأت تعرف حريتها، وبدأت السفور في عهد الحملة الفرنسية، وتحديدا عام 1800 على يد الجنرال كليبر؛ هو من قبيل المبالغة في نتائج الحملة، وأن صاحب هذه الفكرة هو الناقد الراحل د. لويس عوض.
يقول د. عوض "الواضح إذن أن المجتمع المصري نحو 1800 قد تبلورت فيه فئات اجتماعية على مستويات مختلفة كانت لا ترى بأسا من تفهم وجهة نظرهم عن المرأة سواء في موضوع السفور والحجاب أو في موضوع المرأة في الأسرة وفي المجتمع لا سيما بالنسبة لوليها أيا كان أبا أو زوجا أو أخا، ووصف الجبرتي لما أصابته بنات الارستقراطية المصرية أو بنات الأعيان "يومئذ يدل على أنهن بلغن من الشوط مداه في تحرير المرأة المصرية حيث خرجت المرأة المصرية إلى دواوين الحكومة وأقدمت على مشاركة زوجها في تصريف أمور الناس، وربما كان هذا المدى مقصورا على فئة اجتماعية محدودة العدد، ولكنه كله ظاهرة اجتماعية غير مألوفة في عهد الترك والمماليك".
الحملة والمرأة
يؤكد النمنم أن ما قاله د. لويس عوض ينطوي على أخطاء فادحة في المعلومات وأخطاء أفدح في الاستنتاجات، مشيرا إلى أن قصة الحملة مع المرأة ليس فيها أي نوع من الدعوة إلى تحرير المرأة، ولا نابليون أراد ذلك ولا حاوله.
من البداية كان نابليون مدركا لوضع المرأة في المجتمع المصري، وطالب جنوده باحترام هذا الوضع ومراعاته، فقبل وصوله الإسكندرية بأسبوع وجه نداء إلى جنوده قال فيه " إن الشعوب التي ستنزل بها، تعامل النساء بطرق تختلف عن طرقنا كل الاختلاف، ولكن المغتصب الذي يهتك الأعراض يعتبر متوحشا في البلاد جميعها".
وتناثرت الشائعات في القاهرة قبل وصول نابليون، والتي حدثنا عنها الجبرتي فيقول "أولهم وصل إلى باب البحر يحرقون ويقتلون ويفجرون بالنساء"، كما تردد أنهم "سلبوا ثياب النساء وفضحوهن وهتكوهن".
في الأيام الأولى للحملة، يبرز قطاع من النساء هن "نساء المماليك" وكن مشغولات بتخبئة المجوهرات والأموال التي جمعها الأزواج حتى لا يصادرها الفرنسيون، وتبرز في مقدمتهن السيدة نفيسة المرادية زوجة مراد بك، التي اقتيدت أكثر من مرة للمساءلة أمام الفرنسيين، وقد افتدت بأموالها عددا كبيرا من نساء المماليك كان قد ألقي القبض عليهن.
كان أول ظهور للنساء في عهد الحملة في سبتمبر 1798 أي قبل قيام ثورة القاهرة الأولى، وكان قد استقر الأمر بنابليون في القاهرة، وهرب المماليك على الصعيد والشام، وشرع نابليون في اتخاذ بعض الإجراءات للحفاظ على الصحة العامة ومنع انتشار الأوبئة، فقرر إبعاد المقابر عن السكان حيث لم تكن في ذلك الوقت منعزلة عن البيوت، فذهب الجنود من المماليك الذين التحقوا بخدمة الفرنسيين، لتنفيذ الأمر على طريقتهم المملوكية التي تقوم على الهدم والتخريب، وشرعوا في هدم البيوت بمنطقتي باب اللوق والمناصرة المحيطة بالمقابر.
كان من النساء بهذه المنطقة أن خرجن في مظاهرة صاخبة احتجاجا على الهدم، وتوجهوا إلى الأزبكية حيث مقر إقامة نابليون وحصلوا منه على قرار بمنع عملية الهدم.
في الصعيد
وفي الصعيد والوجه البحري كانت المرأة تقاتل الفرنسيين إلى جوار الرجل.. وفي أواخر أيام الحملة حدث أن خرج المعلم يعقوب بالفيلق القبطي إلى الروضة تمهيدا للخروج النهائي من مصر إلى فرنسا، فذهبت النساء القبطيات أزواج وأمهات جنود الفيلق إلى حاكم العاصمة الفرنسي يطالبنه بإعادتهم ومنعهم من مغادرة مصر.
كان ذلك موقف عوام النساء من الحملة، ولكن بقيت فئة أخرى محدودة هن اللاتي ملن مع الفرنسيين، وهن اللاتي بنى د. لويس عوض حكمه بأن الحملة كانت بدايات السفور وحركة تحرير المرأة، وبنى استنتاجه على تلخيص الجبرتي لأحداث عام 1800 حين قال " منها تبرج النساء وخروج غالبيتهن عن الحشمة والحياء، وهو أنه لما حضر الفرنسيس إلى مصر ومع البعض منهم نساؤهم وكانوا يمشون في الشوارع مع نسائهم وهن حاسرات الوجوه لابسات الفستانات والمناديل الملونة ويسدلن على مناكبهن الطرح الكشميري والمزركشات المصبوغة ، ويركبن الخيول والحمير ويسوقونها سوقا عنيفا مع الضحك والقهقهة ومداعبة المكارية معهم وحرافيش العامة فمالت إليهم نفوس أهل الأهواء من نساء الأسافل والفواحش".
نساء أسيرات
ويضيف الجبرتي " كان ذلك التداخل أولا مع بعض الاحتشام وخشية عار ومبالغة في إخفائه مثلما وقعت الفتنة الأخيرة بمصر وحاربت الفرنسيس بولاق وفتكوا في أهلها وغنموا أموالها وأخذوا ما استحسنوه من النساء والبنات وصرن مأسورات عندهم فزيوهن بزي نسائهم وأجبروهن على طريقتهن في كامل الحوال وتداخل مع أولئك المأسورات غيرهن من النساء الفواجر ".
ويختتم تلخيصه " وأما الجواري السود فإنهن لما علمن رغبة القوم في مطلق الأنثى ذهبن إليهم أفواجا فرادى وأزواجا فنططن الحيطان وتسلقن إليهم من الطيقان ودلوهم على مخبآت أسيادهن وخبايا أموالهم ومتاعهم وغير ذلك ".
ويوضح النمنم أن الجبرتي خصص ثلاث فئات أو قطاعات محددة من المرأة وهن: أهل الأهواء من النساء الأسافل والفواحش وهؤلاء كن موجودات قبل وصول نابليون وهذه الفئة موجودة في كل مجتمع، مشيرا إلى أن مهنتهن لم تمنعهن من رؤية الفرنسي كمحتل.
أما المأسورات من نساء بولاق، فكن مثل السبايا، يفعل بهن ما يشاء الغازي والمنتصر، ولم يكن ما قام به الفرنسيون في بولاق من اغتصاب النساء وإجبارهن على ارتداء ملابس فرنسية، أي علاقة بالحرية ولا بأفكار الثورة الفرنسية.
وبالنسبة للجواري السود فهن لا ينتمين إلى المجتمع المصري، ولا ينبغي اعتبارهن دليل حرية، بل هن إشارة للقهر والانحطاط ، لقد خطفن من أوطانهن أو باعهن أهلهن إلى تجار الرقيق وجاءوا بهن إلى مصر ، وقد وشين بأسيادهن من المماليك على الفرنسيين، وهذا يكشف قهرهن من المماليك والرغبة في الانتقام منهم ، بأكثر مما تكشف عن ميل إلى الفرنسيين وتأثرهن بأفكارهم عن الحرية!!
ويشير مؤلف الكتاب إلى أن الجانب الذي كان يمكن أن يؤثر به الفرنسيون في قطاع من النساء والمجتمع على المستوى البعيد هو قيام بعض الضباط الفرنسيين بالزواج من بعض بنات الأعيان المسلمات ، وكانت المسألة تتم بطريقة بسيطة تتطلب من العريس النطق بالشهادتين وإشهار الإسلام، وكان الأعيان يريدون الارتباط أو مصاهرة السلطة.
ورغم قيام هذا الزواج على أسس انتهازية من الطرفين إلا أنه كان يتم بطريقة شرعية ويعترف به الجميع، وكان يترتب على هذه الزيجات نوع من التغيير في سلوك وحياة العروس، فكان الزوج يجعل زوجته ترتدي الملابس على الطريقة الفرنسية وتخرج إلى الشارع وتركب الحمار وتقهقه.
وقد عجل خروج الحملة سريعا بإنهاء هذه الحالة، وعودة الأمور إلى ما كانت عليه، واستمر وضع المرأة ثابتا ومستقرا حتى عهد إسماعيل في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، وبروز أفكار رفاعة الطهطاوي التي تدعو إلى تعليم المرأة والاهتمام بحقوقها. | |
|