| سلسلة سير أعلام النبلاء | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
alaa elbestawy مشرف قسم بالمنتدى
عدد المساهمات : 62 نقاط : 25245 مظهر الاعضاء : 0 تاريخ التسجيل : 15/02/2011
| موضوع: سلسلة سير أعلام النبلاء الأربعاء فبراير 16, 2011 6:21 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله الحلقة الأولى بطل اليوم أَحَدُ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ، وَمَنْ عَزَمَ الصِّدِّيْقُ عَلَى تَوْلِيَتِهِ الخِلاَفَةَ، وَأَشَارَ بِهِ يَوْمَ السَّقِيْفَةِ؛ لِكَمَالِ أَهْلِيَّتِهِ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ يَجْتَمِعُ فِي النَّسَبِ هُوَ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي فِهْرٍ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالجَنَّةِ، وَسَمَّاهُ: أَمِيْنَ الأُمَّةِ، وَمَنَاقِبُهُ شَهِيْرَةٌ جَمَّةٌ. رَوَى أَحَادِيْثَ مَعْدُوْدَةً، وَغَزَا غَزَوَاتٍ مَشْهُوْدَةً
وَقَدْ شَهِدَ ... بَدْراً، فَقَتَلَ يَوْمَئِذٍ أَبَاهُ، وَأَبْلَى يَوْمَ أُحُدٍ بَلاَءً حَسَناً، وَنَزَعَ يَوْمَئِذٍ الحَلْقَتَيْنِ اللَّتَيْنِ دَخَلَتَا مِنَ المِغْفَرِ فِي وَجْنَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ ضَرْبَةٍ أَصَابَتْهُ، فَانْقَلَعَتْ ثَنِيَّتَاهُ، فَحَسُنَ ثَغْرُهُ بِذَهَابِهِمَا، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ وَقْتَ وَفَاةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَقِيْفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ: قَدْ رَضِيْتُ لَكُم أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ: عُمَرَ، و ...
وَكَانَ .... رضى الله عنه مَعْدُوْداً فِيْمَنْ جَمَعَ القُرْآنَ العَظِيْمَ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُسْقُفَا نَجْرَانَ: العَاقِبُ وَالسَّيِّدُ، فَقَالاَ: ابْعَثْ مَعَنَا أَمِيْناً حَقَّ أَمِيْنٍ. فَقَالَ: (لأَبْعَثَنَّ مَعَكُم رَجُلاً أَمِيْناً حَقَّ أَمِيْنٍ). فَاسْتَشْرَفَ لَهَا النَّاسُ، فَقَالَ: (قُمْ يَا...). فَأَرْسَلَهُ مَعَهُم وكان رضى الله عنه مَوْصُوْفاً بِحُسْنِ الخُلُقِ، وَبِالحِلْمِ الزَائِدِ، وَالتَّوَاضُعِ ومما يدل على ذلك قول عمر لجلسائه يوم تَمَنُّوْافَ تَمَنَّوْا، فَقَالَ عُمَرُ: لَكِنِّي أَتَمَنَّى بَيْتاً مُمْتَلِئاً رِجَالاً مِثْلَ .....
وحينما قَدِمَ عُمَرُ الشَّامَ، فَتَلَقَّاهُ الأُمَرَاءُ وَالعُظَمَاءُ. فَقَالَ: أَيْنَ أَخِي ....؟ قَالُوا: يَأْتِيْكَ الآنَ. قَالَ: فَجَاءَ عَلَى نَاقَةٍ مَخْطُوْمَةٍ بِحَبْلٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: انْصَرِفُوا عَنَّا.
فَسَارَ مَعَهُ حَتَّى أَتَى مَنْزِلَهُ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرَ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ سَيْفَهُ وَتُرْسَهُ وَرَحْلَهُ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَوِ اتَّخَذْتَ مَتَاعاً، أَوْ قَالَ: شَيْئاً. فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! إِنَّ هَذَا سَيُبَلِّغُنَا المَقِيْلَ
وأيضا عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى ...بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ، أَوْ بِأَرْبَعِ مَائَةِ دِيْنَارٍ، وَقَالَ لِلرَّسُوْلِ: انْظُرْ مَا يَصْنَعُ بِهَا. قَالَ: فَقَسَّمَهَا .....، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى مُعَاذٍ بِمِثْلِهَا.
قَالَ: فَقَسَّمَهَا، إِلاَّ شَيْئاً قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ نَحْتَاجُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا أَخْبَرَ الرَّسُوْلُ عُمَرَ، قَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الإِسْلاَمِ مَنْ يَصْنَعُ هَذَا. كَانَ يَسِيْرُ فِي العَسْكَرِ، فَيَقُوْلُ: أَلاَ رُبَّ مُبَيِّضٍ لِثِيَابِهِ، مُدَنِّسٍ لِدِيْنِهِ! أَلاَ رُبَّ مُكْرِمٍ لِنَفْسِهِ وَهُوَ لَهَا مُهِيْنٌ! بَادِرُوا السَّيِّئَاتِ القَدِيْمَاتِ بِالحَسَنَاتِ الحَدِيْثَاتِ.
وَلَمَّا تَفَرَّغَ الصِّدِّيْقُ مِنْ حَرْبِ أَهْل الرِّدَّةِ، وَحَرْبِ مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابِ، جَهَّزَ أُمَرَاءَ الأَجْنَادِ لِفَتْحِ الشَّامِ. فَبَعَثَ .... وَيَزِيْدَ بنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَعَمْرَو بنَ العَاصِ، وَشُرَحْبِيْلَ بنَ حَسَنَةَ، فَتَمَّتْ وَقْعَةُ أَجْنَادِيْنَ بِقُرْبِ الرَّمْلَةِ، وَنَصَرَ اللهُ المُؤْمِنِيْنَ، فَجَاءتِ البُشْرَى، وَالصِّدِّيْقُ فِي مَرَضِ المَوْتِ، ثُمَّ كَانَتْ وَقْعَةُ فِحْلٍ، وَوَقْعَةُ مَرْجِ الصُفَّرِ، وَكَانَ قَدْ سَيَّرَ أَبُو بَكْرٍ خَالِداً لِغَزْوِ العِرَاقِ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ لِيُنْجِدَ مَنْ بِالشَّامِ.
فَقَطَعَ المَفَاوِزَ عَلَى بَرِّيَّةِ السَّمَاوَةِ، فَأَمَّرُهُ الصِّدِّيْقُ عَلَى الأُمَرَاءِ كُلِّهِم، وَحَاصَرُوا دِمَشْقَ، وَتُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ. فَبَادَرَ عُمَرُ بِعَزْلِ خَالِدٍ، وَاسْتَعْمَلَ ....عَلَى الكُلِّ، فَجَاءهُ التَّقْلِيْدُ، فَكَتَمَهُ مُدَّةً، وَكُلُّ هَذَا مِنْ دِيْنِهِ وِلِيْنِهِ وَحِلْمِهِ، فَكَانَ فَتْحُ دِمَشْقَ عَلَى يَدِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَظْهَرَ التَّقْلِيْدَ، لِيَعْقِدَ الصُّلْحَ لِلرُّوْمِ، فَفَتَحُوا لَهُ بَابَ الجَابِيَةِ صُلْحاً، وَإِذَا بِخَالِدٍ قَدِ افْتَتَحَ البَلَدَ عَنْوَةً مِنَ البَابِ الشَّرْقِيِّ، فَأَمْضَى لَهُم .... الصُّلْحَ.
فقد صَالَحَهُم عَلَى أَنْصَافِ كَنَائِسِهِم وَمَنَازِلَهِم، ثُمَّ كَانَ .... رَأْسَ الإِسْلاَمِ يَوْمَ وَقْعَةِ اليَرْمُوْكِ؛ الَّتِي اسْتَأْصَلَ اللهُ فِيْهَا جُيُوْشَ الرُّوْمِ، وَقُتِلَ مِنْهُم خَلْقٌ عَظِيْمٌ. ثم توفى بطلنا فى قرية عمواس بين بيت المقدس والرملة رحمه الله وأسكننا معه الفردوس الاعلى بدون حساب ولا عذاب
أظنكم قد علمتم من بطلنا اليوم نعم انه أمين هذه الامةأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ
عدل سابقا من قبل alaa elbestawy في السبت مارس 05, 2011 1:20 am عدل 1 مرات | |
|
| |
alaa elbestawy مشرف قسم بالمنتدى
عدد المساهمات : 62 نقاط : 25245 مظهر الاعضاء : 0 تاريخ التسجيل : 15/02/2011
| موضوع: رد: سلسلة سير أعلام النبلاء الإثنين فبراير 21, 2011 6:17 pm | |
| الحلقة الثانية طَلْحَةُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُثْمَانَ بنِ عَمْرٍو التَّيْمِيُّ أَحَدُ العَشَرَةِ المَشْهُوْدِ لَهُم بِالجَنَّةِ، لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شكله قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ: كَانَ رَجُلاً آَدَمَ، كَثِيْرَ الشَّعْرِ، لَيْسَ بِالجَعْدِ القَطَطِ، وَلاَ بِالسَّبْطِ، حَسَنَ الوَجْهِ، إِذَا مَشَى أَسْرَعَ، وَلاَ يُغَيِّرُ شَعْرَهُ. قال مُوْسَى بنُ طَلْحَةَ كَانَ أَبِي أَبْيَضَ يَضْربُ إِلَى الحُمْرَةِ، مَرْبُوْعاً، إِلَى القِصَرِ هُوَ أَقْرَبُ، رَحْبَ الصَّدْرِ، بَعِيْدَ مَا بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ، ضَخْمَ القَدَمَيْنِ، إِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيْعا غزواته
اتَّفَقَ أَنَّهُ غَابَ عَنْ وَقْعَة بَدْرٍ فِي تِجَارَةٍ لَهُ بِالشَّامِ، وَتَأَلَّمَ لِغَيْبَتِهِ، فَضَرَبَ لَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَهْمِهِ، وَأَجره.
لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، وَوَلَّى النَّاسُ، كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي نَاحِيَةٍ، فِي اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً، مِنْهُم طَلْحَةُ، فَأَدْرَكَهُمُ المُشْرِكُوْنَ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ لِلْقَوْمِ؟). قَالَ طَلْحَةُ: أَنَا. قَالَ: (كَمَا أَنْتَ). فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا. قَالَ: (أَنْتَ). فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ الْتَفَتَ، فَإِذَا المُشْرِكُوْنَ. فَقَالَ: (مَنْ لَهُمْ؟). قَالَ طَلْحَةُ: أَنَا. قَالَ: (كَمَا أَنْتَ). فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَا. قَالَ: (أَنْتَ). فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى بَقِيَ مَعَ نَبِيِّ اللهِ طَلْحَةُ. فَقَالَ: (مَنْ لِلْقَوْمِ؟). قَالَ طَلْحَةُ: أَنَا. فَقَاتَلَ طَلْحَةُ قِتَالَ الأَحَد عَشَر، حَتَّى قُطِعَتْ أَصَابِعُهُ. فَقَالَ: حَسِّ. فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَوْ قُلْتَ: بِاسْمِ اللهِ، لَرَفَعَتْكَ المَلاَئِكَةُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُوْنَ). ثُمَّ رَدَّ اللهُ المُشْرِكِيْنَ. عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ الَّتِي وَقَى بِهَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ شَلاَّءَ قال رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ: (أَوجب طَلْحَةُ). عَنْ مُوْسَى وَعِيْسَى ابْنَيْ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيْهِمَا: أَنَّ أَصْحَابَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالُوا لأَعْرَابِيٍّ جَاءَ يَسْأَلُهُ عَمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ: مَنْ هُوَ؟ وَكَانُوا لاَ يَجْتَرِؤُوْنَ عَلَى مَسْأَلَتِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُوَقِّرُوْنَهُ، وَيَهَابُوْنَهُ. فَسَأَلَهُ الأَعْرَابِيُّ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ إِنِّي اطَّلَعْتُ مِنْ بَابِ المَسْجِدِ -وَعَلَيَّ ثِيَابٌ خُضْرٌ-. فَلَمَّا رَآنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (أَيْنَ السَّائِلُ عَمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ؟). قَالَ الأَعْرَابِيُّ: أَنَا. قَالَ: (هَذَا مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ). عَنْ عَائِشَةَ، وَأُمِّ إِسْحَاقَ بِنْتَيْ طَلْحَةَ، قَالَتَا: جُرِحَ أَبُوْنَا يَوْمَ أُحُدٍ أَرْبَعاً وَعِشْرِيْنَ جِرَاحَةً، وَقَعَ مِنْهَا فِي رَأْسِهِ شَجَّةٌ مُرَبَّعَةٌ، وَقُطِعَ نِسَاهُ -يَعْنِي العِرْقَ- وَشُلَّتْ أُصْبُعُهُ، وَكَانَ سَائِرُ الجِرَاحِ فِي جَسَدِهِ، وَغَلَبَهُ الغَشْيُ، وَرَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكْسُوْرَة رَبَاعِيَتُهُ، مَشْجُوْجٌ فِي وَجْهِهِ، قَدْ عَلاَهُ الغَشْيُ، وَطَلْحَةُ مُحْتَمِلُهُ يَرْجعُ بِهِ القَهْقَرَى، كُلَّمَا أَدْرَكَهُ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكِيْنَ، قَاتَلَ دُوْنَهُ، حَتَّى أَسْنَدَهُ إِلَى الشِّعْبِ. جوده وكرمه عَنْ سَلَمَةَ بنِ الأَكْوَعِ، قَالَ: ابْتَاعَ طَلْحَةُ بِئْراً بِنَاحِيَةِ الجَبَلِ، وَنَحَرَ جزُوْراً، فَأَطْعَمَ النَّاسَ، فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَنْتَ طَلْحَةُ الفَيَّاضُ). وفى الترمذى أن طلحة رضى الله عنه أَتَاهُ مَالٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ سَبْعُ مَائَةِ أَلْفٍ، فَبَاتَ لَيْلَتَهُ يَتَمَلْمَلُ. فَقَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ: مَا لَكَ؟ قَالَ: تَفَكَّرْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ، فَقُلْتُ: مَا ظَنُّ رَجُلٍ بِرَبِّهِ يَبِيْتُ وَهَذَا المَالُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: فَأَيْنَ أَنْتَ عَنْ بَعْضِ أَخِلاَّئِكَ؟ فَإِذَا أَصْبَحْتَ، فَادْعُ بِجِفَانٍ وَقِصَاعٍ، فَقَسِّمْهُ. فَقَالَ لَهَا: رَحِمَكِ اللهُ، إِنَّكِ مُوَفَّقَةٌ بِنْتُ مُوَفَّقٍ، وَهِيَ أُمُّ كُلْثُوْم بِنْتُ الصِّدِّيْقِ. فَلَمَّا أَصْبَحَ، دَعَا بِجِفَانٍ، فَقَسَّمَهَا بَيْنَ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ، فَبَعَثَ إِلَى عَلِيٍّ مِنْهَا بِجَفْنَةٍ. فَقَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ: أَبَا مُحَمَّدٍ! أَمَا كَانَ لَنَا فِي هَذَا المَالِ مِنْ نَصِيْبٍ؟ قَالَ: فَأَيْنَ كُنْتِ مُنْذُ اليَوْم؟ فَشَأْنُكِ بِمَا بَقِيَ. قَالَتْ: فَكَانَتْ صُرَّةً فِيْهَا نَحْوُ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى طَلْحَةَ يَسْأَلُهُ، فَتَقَرَّبَ إِلَيْهِ بِرَحِمٍ.
فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ لَرَحِمٌ مَا سَأَلَنِي بِهَا أَحَدٌ قَبْلَكَ، إِنَّ لِي أَرْضاً قَدْ أَعْطَانِي بِهَا عُثْمَانُ ثَلاَثَ مَائَةِ أَلْفٍ، فَاقْبَضْهَا، وَإِنْ شِئْتَ بِعْتُهَا مِنْ عُثْمَانَ، وَدَفَعْتُ إِلَيْكَ الثَّمَنَ. فَقَالَ: الثَّمَن. فَأَعْطَاهُ.عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ: أَنَّ طَلْحَةَ بنَ عُبَيْدِ اللهِ بَاعَ أَرْضاً لَهُ بِسَبْعِ مَائَةِ أَلْفٍ، فَبَاتَ أَرِقاً مِنْ مَخَافَةِ ذَلِكَ المَالِ حَتَّى أَصْبَحَ، فَفَرَّقَهُ
وَأَنْشَدَ الرِّيَاشِيُّ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ:
أَيَا سَائِلِي عَنْ خِيَار العِبَادِ * صَادَفْتَ ذَا العِلْمِ وَالخِبْرَه خِيَارُ العِبَادِ جَمِيْعاً قُرَيْشٌ * وَخَيْرُ قُرَيْشٍ ذَوُو الهِجْرَه وخَيْرُ ذَوِي الهِجْرَةِ السَّابِقُونَ * ثَمَانِيَةٌ وَحْدَهُمْ نَصَرَه عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ ثُمَّ الزُّبَيْرُ * وَطَلْحَةُ وَاثنَانِ مِنْ زُهْرَهْ وبَرَّانِ قَدْ جَاوَرَا أَحْمَداً * وَجَاوَرَ قَبْرُهُهَمَا قَبْرَه فَمَنْ كَانَ بَعْدَهُمْ فَاخِراً * فَلاَ يَذكُرَنْ بَعْدَهُمْ فَخْرَه شهادة النبى صلى الله عليه وسلم والصحابة وَفِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) مِنْ حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عَلَى حِرَاءَ هُوَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، فَتَحَرَّكَتِ الصَّخْرَةُ. فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ: (اهْدَأْ! فَمَا عَلَيْكَ إِلاَّ نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيْقٌ، أَوْ شَهِيْدٌ).
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ، قَدْ قَضَى نَحْبَهُ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى طَلْحَةَ). وقال ايضا (طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ جَارَايَ فِي الجَنَّةِ
من مواقفه
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى طَلْحَةَ، فَقَالَ: أَرَأَيْتُكَ هَذَا اليَمَانِيَّ، هُوَ أَعْلَمُ بِحَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ مِنْكُم -يَعْنِي: أَبَا هُرَيْرَةَ- نَسْمَعُ مِنْهُ أَشْيَاءَ لاَ نَسْمَعُهَا مِنْكُم؟ قَالَ: أَمَّا أَنْ قَدْ سَمِعَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا لَمْ نَسْمَعْ فَلاَ أَشُكُّ، وَسَأُخْبِرُكَ: إِنَّا كُنَّا أَهْلَ بُيُوْتٍ، وَكُنَّا إِنَّمَا نَأْتِي رَسُوْلَ اللهِ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً، وَكَانَ مِسْكِيْناً لاَ مَالَ لَهُ، إِنَّمَا هُوَ عَلَى بَابِ رَسُوْلِ اللهِ، فَلاَ أَشُكُّ أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ مَا لَمْ نَسْمَعْ، وَهَلْ تَجِدُ أَحَداً فِيْهِ خَيْرٌ يَقُوْلُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا لَمْ يَقُلْ؟ وَرَوَى مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ يَقُوْلُ لِطَلْحَةَ: مَا لِي أَرَاكَ شَعِثْتَ وَاغْبرَرْتَ مُذْ تُوُفِّيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ لَعَلَّهُ أَنَّ مَا بِكَ إِمَارَةُ ابْنِ عَمِّكَ -يَعْنِي: أَبَا بَكْرٍ-. قَالَ: مَعَاذَ اللهِ، إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: (إِنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لاَ يَقُوْلُهَا رَجُلٌ يَحْضُرُهُ المَوْتُ إِلاَّ وَجَدَ رُوْحَهُ لَهَا رَوحاً حِيْنَ تَخْرُجُ مِنْ جَسَدِهِ، وَكَانَتْ لَهُ نُوْراً يَوْمَ القِيَامَةِ).
فَلَمْ أَسَأَلْ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْهَا، وَلَمْ يُخْبِرْنِي بِهَا، فَذَاكَ الَّذِي دَخَلَنِي. قَالَ عُمَرُ: فَأَنَا أَعْلَمُهَا. قَالَ: فَلِلَّهِ الحَمْدُ، فَمَا هِيَ؟ قَالَ: الكَلِمَةُ الَّتِي قَالَهَا لِعَمِّهِ. قَالَ: صَدَقْتَ
فتنة مقتل عثمان وشهادة طلحة فى موقعة الجمل
لَمَّا خَرَجَ طَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَعَائِشَةُ لِلطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ، عَرَّجُوا عَنْ مُنْصَرَفِهِمْ بِذَاتِ عِرْقٍ، فَاسْتَصْغَرُوا عُرْوَةَ بنَ الزُّبَيْرِ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَرَدُّوْهُمَا. قَالَ: وَرَأَيْتُ طَلْحَةَ، وَأَحَبُّ المجَالِسِ إِلَيْهِ أَخْلاَهَا، وَهُوَ ضَارِبٌ بِلِحْيَتِهِ عَلَى زَوْرِهِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! إِنِّي أَرَاكَ وَأَحَبُّ المجَالِسِ إِلَيْكَ أَخْلاَهَا، إِنْ كُنْتَ تَكْرَهُ هَذَا الأَمْرَ فَدَعْهُ.
فَقَالَ: يَا عَلْقَمَةَ! لاَ تَلُمْنِي، كُنَّا أَمْسِ يَداً وَاحِدَةً عَلَى مَنْ سِوَانَا، فَأَصْبَحْنَا اليَوْمَ جَبَلَيْنِ مِنْ حَدِيْدٍ، يَزْحَفُ أَحَدُنَا إِلَى صَاحِبِهِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ مِنِّي شَيْءٌ فِي أَمْرِ عُثْمَانَ مِمَّا لاَ أَرَى كَفَّارَتَهُ إِلاَّ سَفْكَ دَمِي، وَطَلَبَ دَمِهِعَنْ قَيْسٍ، قَالَ: رَأَيْتُ مَرْوَانَ بنَ الحَكَمِ حِيْنَ رَمَى طَلْحَةَ يَوْمَئِذٍ بِسَهْمٍ، فَوَقَعَ فِي رُكْبَتِهِ، فَمَا زَالَ يَنْسَحُّ حَتَّى مَاتَ رَأَى عَلِيٌّ طَلْحَةَ فِي وَادٍ مُلْقَى، فَنَزَلَ، فَمَسَحَ التُّرَابَ عَنْ وَجْهِهِ، وَقَالَ: عَزِيْزٌ عَلَيَّ أَبَا مُحَمَّدٍ بِأَنْ أَرَاكَ مُجَدَّلاً فِي الأَوْدِيَةِ تَحْتَ نُجُومِ السَّمَاءِ، إِلَى اللهِ أَشْكُو عُجَرِي وَبُجَرِي
عَنْ أَبِي حَبِيْبَةَ مَوْلَىً لِطَلْحَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ مَعَ عِمْرَان بنِ طَلْحَةَ بَعْدَ وَقْعَةِ الجَمَلِ، فَرَحَّبَ بِهِ وَأَدْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي لأَرْجُوَ أَنْ يَجْعَلَنِي اللهُ وَأَبَاكَ مِمَّنْ قَالَ فِيْهِمْ: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُوْرِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِيْنَ} فَقَالَ رَجُلاَنِ جَالِسَانِ، أَحَدُهُمَا الحَارِثُ الأَعْوَرُ: اللهُ أَعْدَلُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقْبَلَهُمْ وَيَكُونُوا إِخْوَاناً فِي الجَنَّةِ. قَالَ: قُوْمَا أَبْعَدَ أَرْضٍ وَأَسْحَقَهَا، فَمَنْ هُوَ إِذَا لَمْ أَكُنْ أَنَا وَطَلْحَةَ! يَا ابْنَ أَخِي: إِذَا كَانَتْ لَكَ حَاجَةً، فَائْتِنَا
أَتَى رَجُلٌ عَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ فَقَالَ: رَأَيْت طَلْحَةَ فِي المَنَامِ، فَقَالَ: قُلْ لِعَائِشَةَ تُحَوِّلَنِي مِنْ هَذَا المَكَانِ، فَإِنَّ النَّزَّ قَدْ آذَانِي. فَرَكِبَتْ فِي حَشَمِهَا، فَضَرَبُوا عَلَيْهِ بِنَاءً وَاسْتَثَارُوْهُ. قَالَ: فَلَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْهُ إِلاَّ شُعَيْرَاتٌ فِي إِحْدَى شِقَّيْ لِحْيَتِهِ -أَوْ قَالَ: رَأْسِهِ- وَكَانَ بَيْنَهُمَا بِضْعٌ وَثَلاَثُوْنَ سَنَة. وحكَى المَسْعُوْدِيُّ: أَنَّ عَائِشَةَ بِنْتَهُ هِيَ الَّتِي رَأَتِ المَنَامَ. وَكَانَ قَتْلُهُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ، فِي جُمَادَى الآخِرَةِ. وَقِيْلَ: فِي رَجَبٍ، وَهُوَ ابْنُ ثِنْتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا، وَقَبْرُهُ بِظَاهِرِ البَصْرَةِ. قَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، وَخَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ، وَأَبُو نَصْرٍ الكَلاَبَاذِيُّ: إِنَّ الَّذِي قَتَلَ طَلْحَةَ مَرْوَانُ بنُ الحَكَمِ. وَلِطَلْحَةَ أَوْلاَدٌ نُجَبَاءُ، أَفْضَلُهُمْ: مُحَمَّدٌ السَّجَّادُ. كَانَ شَابّاً، خَيِّراً، عَابِداً، قَانِتاً لِلِّهِ. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُتِلَ يَوْمَ الجَمَلِ أَيْضاً، فَحَزِنَ عَلَيْهِ عَلِيٌّ وَقَالَ: صَرَعَهُ بِرُّهُ بِأَبِيْهِ.
عدل سابقا من قبل alaa elbestawy في السبت مارس 05, 2011 1:21 am عدل 1 مرات | |
|
| |
alaa elbestawy مشرف قسم بالمنتدى
عدد المساهمات : 62 نقاط : 25245 مظهر الاعضاء : 0 تاريخ التسجيل : 15/02/2011
| موضوع: رد: سلسلة سير أعلام النبلاء الأربعاء فبراير 23, 2011 9:54 am | |
| الحلقة الثالثة
و بطلها هو الزُّبَيْرُ بنُ العَوَّامِ
اسلامه ونسبه للنبى صلى الله عليه وسلم
حَوَارِيُّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَابْنُ عَمَّتِهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَأَحَدُ العَشرَةِ المَشْهُوْدِ لَهُم بِالجَنَّةِ، وَأَحَدُ السِّتَّةِ أَهْلِ الشُّوْرَى، وَأَوَّلُ مَنْ سَلَّ سَيْفَهُ فِي سَبِيْلِ اللهِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَسْلَمَ وَهُوَ حَدَثٌ، لَهُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَأَسْلَمَ - عَلَى مَا بَلَغَنِي - عَلَى يَدِ أَبِي بَكْرٍ: الزُّبَيْرُ، وَعُثْمَانُ، وَطَلْحَةُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَسَعْدٌ
[u]شكله
قَدْ وَرَدَ أَنَّ الزُّبَيْرَ كَانَ رَجُلاً طَوِيْلاً، إِذَا رَكِبَ خَطَّتْ رِجْلاهُ الأَرْضَ، وَكَانَ خَفِيْفَ اللِّحْيَةِ وَالعَارِضَيْنِ
وَكَانَتْ أُمُّهُ صَفِيَّةُ تَضْرِبُهُ ضَرْباً شَدِيْداً، وَهُوَ يَتِيْمٌ. فَقِيْلَ لَهَا: قَتَلْتِهِ، أَهْلَكْتِهِ. قَالَتْ:
إِنَّمَا أَضْرِبُهُ لِكَي يَدِبّ * وَيَجُرَّ الجَيْشَ ذَا الجَلَبْ قَالَ: وَكَسَرَ يَدَ غُلاَمٍ ذَاتَ يَوْمٍ، فَجِيْءَ بِالغُلاَمِ إِلَى صَفِيَّةَ، فَقِيْلَ لَهَا ذَلِكَ. فَقَالَتْ: كَيْفَ وَجَدْتَ وَبْرَا * أَأَقِطاً أَمْ تَمْرَا أَمْ مُشْمَعِلاَّ صَقْرَا
[u]زوجاته
قَالَ القَحْذَمِيُّ: كَانَتْ تَحْتَهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، وَعَاتِكَةُ أُخْتُ سَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ، وَأُمُّ خَالِدٍ بِنْتُ خَالِدِ بنِ سَعِيْدٍ، وَأُمُّ مُصْعَبٍ الكَلْبِيَّةُ.
مواقفه وشهادة النبى صلى الله عليه وسلم له وكذلك الصحابة
أَسْلَمَ الزُّبَيْرُ ابْنُ ثَمَانِ سِنِيْنَ، وَنَفَحَتْ نَفْحَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ أُخِذَ بِأَعْلَى مَكَّةَ، فَخَرَجَ الزُّبَيْرُ وَهُوَ غُلاَمٌ ابْنُ اثْنَتَي عَشْرَةَ سَنَةً بِيَدِهِ السَّيْفُ، فَمَنْ رَآهُ عَجِبَ، وَقَالَ: الغُلاَمُ مَعَهُ السَّيْفُ، حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (مَا لَكَ يَا زُبَيْرُ؟). فَأَخْبَرَهُ، وَقَالَ: أَتَيْتُ أَضْرِبُ بِسَيْفِي مَنْ أَخَذَكَ.
كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَارِسَانِ: الزُّبَيْرُ عَلَى فَرَسٍ، عَلَى المَيْمَنَةِ، وَالمِقْدَادُ بنُ الأَسْوَدِ عَلَى فَرَسٍ، عَلَى المَيْسَرَةِ. وَقَالَ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: كَانَتْ عَلَى الزُّبَيْرِ يَوْمَ بَدْرٍ عمَامَةٌ صَفْرَاءُ، فَنَزَلَ جِبْرِيْلُ عَلَى سِيْمَاءِ الزُّبَيْرِ.
وَفِيْهِ يَقُوْلُ عَامِرُ بنُ صَالِحٍ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ: جَدِّي ابْنُ عَمَّةِ أَحْمَدٍ وَوَزِيْرُهُ * عِنْدَ البَلاَءِ وَفَارِسُ الشَّقْرَاءِ وَغَدَاةَ بَدْرٍ كَانَ أَوَّلَ فَارِسٍ * شَهِدَ الوَغَى فِي اللاَّمَةِ الصَّفْرَاءِ نَزَلَتْ بِسِيْمَاهُ المَلاَئِكُ نُصْرَةً * بِالحَوْضِ يَوْمَ تَأَلُّبِ الأَعْدَاءِ
[u]وفى أحد
لَمَّا انْصَرَفَ المُشْرِكُوْنَ مِنْ أُحُدٍ، وَأَصَابَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابَهُ مَا أَصَابَهُمْ، خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا، فَقَالَ: (مَنْ يُنْتَدَبُ لِهَؤُلاَءِ فِي آثَارِهِمْ حَتَّى يَعْلَمُوا أَنَّ بِنَا قُوَّةً؟). فَانْتُدِبَ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ فِي سَبْعِيْنَ، فَخَرَجُوا فِي آثَارِ المُشْرِكِيْنَ، فَسَمِعُوا بِهِم، فَانْصَرَفُوا. قَالَ تَعَالَى: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوْءٌ} [آلُ عِمْرَانَ: 174]لَمْ يَلْقَوا عَدُوّاً. وَقَالَ البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ: جَابِرٌ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الخَنْدَقِ: (مَنْ يَأْتِيْنَا بِخَبَرِ بَنِي قُرَيْظَةَ؟). فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، فَذَهَبَ عَلَى فَرَسٍ، فَجَاءَ بِخَبَرِهِمْ. ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةَ. فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، فَذَهَبَ. ثُمَّ الثَّالِثَةَ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ).
عَنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: أخَذَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِي، فَقَالَ: (لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ، وَابْنُ عَمَّتِي).
عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ لَهُ: يَا أَبَةِ! قَدْ رَأَيْتُكَ تَحْمِلُ عَلَى فَرَسِكَ الأَشْقَرِ يَوْمَ الخَنْدَقِ. قَالَ: يَا بُنَيَّ! رَأَيْتَنِي؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَئِذٍ لَيَجْمَعُ لأَبِيْكَ أَبَوَيْهِ، يَقُوْلُ: (ارْمِ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي).
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الخَنْدَقِ كُنْتُ أَنَا وَعُمَرُ بنُ أَبِي سَلَمَةَ فِي الأُطُمِ الَّذِي فِيْهِ نِسَاءُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُطُمِ حَسَّان، فَكَانَ عُمَرُ يَرْفَعُنِي وَأَرْفَعُهُ، فَإِذَا رَفَعَنِي عَرَفْتُ أَبِي حِيْنَ يَمُرُّ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، فَيُقَاتِلُهُمْ.
وعن الزبير أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَاهُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ لِوَاءِ سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ، فَدَخَلَ الزُّبَيْرُ مَكَّةَ بِلِوَاءَيْنِ. وَعَنْ أَسمَاءَ قَالَتْ: عِنْدِي لِلزُّبَيْرِ سَاعِدَانِ مِنْ دِيْبَاجٍ، كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ، فَقَاتَلَ فِيْهِمَا
وقَالَ الزُّبَيْرُ: مَا تَخَلَّفْتُ عَنْ غَزْوَةٍ غَزَاهَا المُسْلِمُوْنَ، إِلاَّ أَنْ أُقْبِلَ، فَأَلْقَى نَاساً يَعْقِبُوْنَ. وَعَنِ الثَّوْرِيِّ قَالَ: هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ نَجْدَةُ الصَّحَابَةِ: حَمْزَةُ، وَعَلِيٌّ، وَالزُّبَيْرُ.
عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَ فِي الزُّبَيْرِ ثَلاَثُ ضَرَبَاتٍ بِالسَّيْفِ: إِحْدَاهُنَّ فِي عَاتِقِهِ، إِنْ كُنْتُ لأُدْخِلُ أَصَابِعِي فِيْهَا، ضُرِب ثِنْتَيْنِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَوَاحِدَةً يَوْمَ اليَرْمُوْكِ.
[b]قَالَ عُرْوَةُ: قَالَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ حِيْنَ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: يَا عُرْوَةَ! هَلْ تَعْرِفُ سَيْفَ الزُّبَيْرِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَمَا فِيْهِ؟ قُلْتُ: فَلَّةٌ فَلَّهَا يَوْمَ بَدْرٍ، فَاسْتَلَّهُ فَرَآهَا فِيْهِ، فَقَالَ: بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الكَتَائِبِ *
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عَلَى حِرَاءٍ فَتَحَرَّكَ. فَقَالَ: اسْكُنْ حِرَاءُ! فَمَا عَلَيْكَ إِلاَّ نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيْقٌ، أَوْ شَهِيْدٌ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ.
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ جَارَايَ فِي الجَنَّةِ).
قَالَ حَسَّانُ – شاعر النبى - يَمْدَحُ الزُّبَيْرَ: أَقَامَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ وَهَدْيِهِ * حَوَارِيُّهُ وَالقَوْلُ بِالفِعْلِ يُعْدَلُ أَقَامَ عَلَى مِنْهَاجِهِ وَطَرِيْقِهِ * يُوَالِي وَلِيَّ الحَقِّ وَالحَقُّ أَعْدَلُ هُوَ الفَارِسُ المَشْهُوْرُ وَالبَطَلُ الَّذِي * يَصُوْلُ إِذَا مَا كَانَ يَوْمٌ مُحَجَّلُ
[b]إِذَا كَشَفَتْ عَنْ سَاقِهَا الحَرْبُ حَشَّهَا * بِأَبْيَضَ سَبَّاقٍ إِلَى المَوْتِ يُرْقِلُ وَإِنَّ امْرَءاً كَانَتْ صَفِيَّةُ أُمَّهُ * وَمِنْ أَسَدٍ فِي بَيْتِهَا لَمُؤَثَّلُ لَهُ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ قُرْبَى قَرِيْبَةٌ * وَمِنْ نُصْرَةِ الإِسْلاَمِ مَجْدٌ مُؤَثَّلُ فَكَمْ كُرْبَةٍ ذَبَّ الزُّبَيْرُ بِسَيْفِهِ * عَنِ المُصْطَفَى وَاللهُ يُعْطِي فَيُجْزِلُ ثَنَاؤُكَ خَيْرٌ مِنْ فَعَالِ مُعَاشِرٍ * وَفِعْلُكَ يَا ابْنَ الهَاشِمِيَّةِ أَفْضَلُ
جوده وانفاقه فى سبيل الله
كَانَ لِلزُّبَيْرِ بنِ العَوَّام أَلفُ مَمْلُوْكٍ يُؤَدُّوْنَ إِلَيْهِ الخَرَاجَ، فَلاَ يُدْخِلُ بَيْتَهُ مِنْ خَرَاجِهِمْ شَيْئاً. رَوَاهُ: سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ نَحْوَهُ، وَزَادَ: بَلْ يَتَصَدَّقُ بِهَا كُلِّهَا.
وَقُتِلَ الزُّبَيْرُ، وَلَمْ يَدَعْ دِيْنَاراً وَلاَ دِرْهَماً، إِلاَّ أَرَضِيْنَ بِالغَابَةِ، وَدَاراً بِالمَدِيْنَةِ، وَدَاراً بِالبَصْرَةِ، وَدَاراً بِالكُوْفَةِ، وَدَاراً بِمِصْرَ. قَالَ: وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ أَنَّ الرَّجُلَ يَجِيْءُ بِالمَالِ فَيَسْتَوْدِعُهُ، فَيَقُوْلُ الزُّبَيْرُ: لاَ، وَلَكِنْ هُوَ سَلَفٌ، إِنِّي أَخْشَى عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ. وَمَا وَلِيَ إِمَارَةً قَطُّ، وَلاَ جِبَايَةً، وَلاَ خَرَاجاً، وَلاَ شَيْئاً إِلاَّ أَنْ يَكُوْنَ فِي غَزْوٍ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ.[u]
[u]فتنة مقتل عثمان وما بعدها
عَنْ مُطَرِّفٍ، قُلْتُ لِلزُّبَيْرِ: مَا جَاءَ بِكُمْ، ضَيَّعْتُمُ الخَلِيْفَةَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ جِئْتُمْ تَطْلُبُوْنَ بِدَمِهِ؟ قَالَ: إِنَّا قَرَأْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيْبَنَّ الَّذِيْنَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأَنْفَال: 25] لَمْ نَكُنْ نَحْسِبُ أَنَّا أَهْلُهَا حَتَّى وَقَعَتْ مِنَّا حَيْثُ وَقَعَتْ.
كان الزُّبَيْرَ يَقْتَفِي آثَارَ الخَيْلِ قَعْصاً بِالرُّمْحِ يوم الجمل ، فَنَادَاهُ عَلِيٌّ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ حَتَّى الْتَفَّتْ أَعْنَاقُ دَوَابِّهِمَا، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ، أَتَذْكُرُ يَوْمَ كُنْتُ أُنَاجِيْكَ، فَأَتَانَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (تُنَاجِيْهِ! فَوَاللهِ لَيُقَاتِلَنَّكَ وَهُوَ لَكَ ظَالِمٌ). قَالَ: فَلَمْ يَعْدُ أَنْ سَمِعَ الحَدِيْثَ، فَضَرَبَ وَجْهَ دَابَّتِهِ وَذَهَبَ.[u]
فَلَقِيَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ، فَقَالَ: جُبْناً جُبْناً! قَالَ: قَدْ عَلِمَ النَّاسُ أَنِّي لَسْتُ بِجَبَانٍ، وَلَكِنْ ذَكَّرَنِي عَلِيٌّ شَيْئاً سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَحَلَفْتُ أَنْ لاَ أُقَاتِلَهُ، ثُمَّ قَالَ:
تَرْكُ الأُمُوْرِ الَّتِي أَخْشَى عَوَاقِبَهَا * فِي اللهِ أَحْسَنُ فِي الدُّنْيَا وَفِي الدِّيْنِ وَقِيْلَ: إِنَّهُ أَنْشَدَ: وَلَقَدْ عَلِمْتُ لَوِ انَّ عِلْمِيَ نَافِعِي * أَنَّ الحَيَاةَ مِنَ المَمَاتِ قَرِيْبُ[u]
قَالَ عَلِيٌّ: حَارَبَنِي خَمْسَةٌ: أَطْوَعُ النَّاسِ فِي النَّاسِ: عَائِشَةُ، وَأَشْجَعُ النَّاسِ: الزُّبَيْرُ، وَأَمْكَرُ النَّاسِ: طَلْحَةُ، لَمْ يُدْرِكْهُ مَكْرٌ قَطُّ، وَأَعْطَى النَّاسِ: يَعْلَى بنُ مُنْيَةَ، وَأَعَبَدُ النَّاسِ: مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ، كَانَ مَحْمُوداً حَتَّى اسْتَزَلَّهُ أَبُوْهُ، وَكَانَ يَعْلَى يُعطِي الرَّجُلَ الوَاحِدَ ثَلاَثِيْنَ دِيْنَاراً وَالسِّلاَحَ وَالفَرَسَ عَلَى أَنْ يُحَارِبَنِي.[u]
[u]مقتله
َجَاءَ رَجُلٌ إِلَى الأَحْنَفِ، فَقَالَ: إِنَّ الزُّبَيْرَ بِسَفَوَانَ، فَمَا تَأْمُرُ إِنْ كَانَ جَاءَ، فَحَمَلَ بَيْنَ المُسْلِمِيْنَ، حَتَّى إِذَا ضَرَبَ بَعْضُهُمْ حَوَاجِبَ بَعْضٍ بِالسَّيْفِ، أَرَادَ أَنْ يَلْحَقَ بِبَنِيْهِ؟ قَالَ: فَسَمِعَهَا عُمَيْرُ بنُ جُرْمُوْزٍ، وفَضَالَةُ بنُ حَابِسٍ، وَرَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: نُفَيْعٌ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى لَقَوْهُ مُقْبِلاً مَعَ النَّعِرِ وَهُمْ فِي طَلَبِهِ، فَأَتَاهُ عُمَيْرٌ مِنْ خَلْفِهِ، وَطَعَنَهُ طَعْنَةً ضَعِيْفَةً، فَحَمَلَ عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ، فَلَمَّا اسْتَلْحَمَهُ وَظَنَّ أَنَّهُ قَاتِلُهُ، قَالَ: يَا فَضَالَةُ! يَا نُفَيْعُ! قَالَ: فَحَمَلُوا عَلَى الزُّبَيْرِ حَتَّى قَتَلُوْهُ. (1/61) عَنْ جونِ بنِ قتَادَةَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ الزُّبَيْرِ يَوْمَ الجَمَلِ، وَكَانُوا يُسَلِّمُوْنَ عَلَيْهِ بِالإِمْرَةِ، إِلَى أَنْ قَالَ: فَطَعَنَهُ ابْنُ جُرْمُوْزٍ ثَانِياً، فَأَثْبَتَهُ، فَوَقَعَ، وَدُفِنَ بِوَادِي السِّبَاعِ، وَجَلَسَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَبْكِي عَلَيْهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ
جِيْءَ بِرَأَسِ الزُّبَيْرِ إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ عَلِيٌّ:
[b]تَبَوَّأْ يَا أَعْرَابِيُّ مَقْعَدَكَ مِنَ النَّارِ، حَدَّثَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ قَاتِلَ الزُّبَيْرِ فِي النَّارِ
كان الشَّعْبِيَّ يَقُوْلُ: أَدْرَكْتُ خَمْسَ مَائَةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ، يَقُوْلُوْنَ: عَلِيٌّ، وَعُثْمَانُ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ فِي الجَنَّةِ. لأَنَّهُم مِنَ العَشْرَةِ المَشْهُوْدِ لَهُم بِالجَنَّةِ، وَمِنَ البَدْرِيِّيْنَ، وَمِنْ أَهْلِ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، وَمِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ الَّذِيْنَ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ رَضِيَ عَنْهُم وَرَضُوْا عَنْهُ، وَلأَنَّ الأَرْبَعَةَ قُتِلُوا وَرُزِقُوا الشَّهَادَةَ، فَنَحْنُ مُحِبُّوْنَ لَهُم، بَاغِضُوْنَ لِلأَرْبَعَةِ الَّذِيْنَ قَتَلُوا الأَرْبَعَةَ.[u]
[u]قالت زوجته عاتكة ترثيه
غَدَرَ ابْنُ جُرْمُوْزٍ بِفَارِسِ بُهْمَةٍ * يَوْمَ اللِّقَاءِ وَكَانَ غَيْرَ مُعَرِّدِ يَا عَمْرُو لَوْ نَبَّهْتَهُ لَوَجَدْتَهُ * لاَ طَائِشاً رَعشَ البَنَانِ وَلاَ اليَدِ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ إِنْ ظَفِرْتَ بِمِثْلِهِ * فِيْمَا مَضَى مِمَّا تَرُوْحُ وَتَغْتَدِي كَمْ غَمْرَةٍ قَدْ خَاضَهَا لَمْ يَثْنِهِ * عَنْهَا طِرَادُكَ يَا ابْنَ فَقْعِ الفَدْفَدِ وَاللهِ رَبِّكَ إِنْ قَتَلْتَ لَمُسْلِماً * حَلَّتْ عَلَيْكَ عُقُوْبَةُ المُتَعَمِّد
رحمه الله رحمة واسعة وألحقنا به فى الفردوس الاعلى بدون حساب ولا عذاب[/u][/u][/u][/u][/u][/u][/u][/b][/b][/u][/b][/u][/u][/u]
عدل سابقا من قبل alaa elbestawy في السبت مارس 05, 2011 1:26 am عدل 1 مرات | |
|
| |
alaa elbestawy مشرف قسم بالمنتدى
عدد المساهمات : 62 نقاط : 25245 مظهر الاعضاء : 0 تاريخ التسجيل : 15/02/2011
| موضوع: رد: سلسلة سير أعلام النبلاء السبت فبراير 26, 2011 12:13 am | |
| الحلقة الرابعة وبطلها هو عبد الرحمن بن عوف أَحَدُ العَشْرَةِ، وَأَحَدُ السِّتَّةِ أَهْلِ الشُّوْرَى، وَأَحَدُ السَّابِقِيْنَ البَدْرِيِّيْنَ، القُرَشِيُّ، الزُّهْرِيُّ. وَهُوَ أَحَدُ الثَّمَانِيَةِ الَّذِيْنَ بَادَرُوا إِلَى الإِسْلاَمِ.
وَكَانَ اسْمُهُ فِي الجَاهِلِيَّةِ: عَبْدُ عَمْرٍو. وَقِيْلَ: عَبْدُ الكَعْبَةِ، فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَبْدُ الرَّحْمَنِ من أحاديثه التى رواها عن النبى
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَلَسْنَا مَعَ عُمَرَ فَقَالَ: هَلْ سَمِعْتَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئاً أَمَرَ بِهِ المَرْءَ المُسْلِمَ إِذَا سَهَا فِي صَلاَتِهِ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ فَقُلْتُ: لاَ وَاللهِ، أَوَ مَا سَمِعْتَ أَنْتَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ فِي ذَلِكَ شَيْئاً؟ فَقَالَ: لاَ وَاللهِ. فَبَيْنَا نَحْنُ فِي ذَلِكَ، أَتَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ فَقَالَ: فِيْمَ أَنْتُمَا؟ فَقَالَ عُمَرُ: سَأَلْتُهُ، فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لَكِنِّي قَدْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرُ فِي ذَلِكَ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَأَنْتَ عِنْدَنَا عَدْلٌ، فَمَاذَا سَمِعْتَ؟
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (إِذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ حَتَّى لاَ يَدْرِي أَزَادَ أَمْ نَقَصَ، فَإِنْ كَانَ شَكَّ فِي الوَاحِدَةِ وَالثِّنْتَيْنِ، فَلْيَجْعَلْهَا وَاحِدَةً، وَإِذَا شَكَّ فِي الثِّنْتَيْنِ أَوِ الثَّلاَثِ، فَلْيَجْعَلْهَا ثِنْتَيْنِ، وَإِذَا شَكَّ فِي الثَّلاَثِ وَالأَرْبَعِ، فَلْيَجْعَلْهَا ثَلاَثاً، حَتَّى يَكُوْنَ الوَهْمُ فِي الزِّيَادَةِ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ يُسَلِّمُ).
شكله
كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ أَبْيَضَ، أَعْيَنَ، أَهَدَبَ الأَشْفَارِ، أَقْنَى، طَوِيْلَ النَّابَيْنِ الأَعْلَيَيْنِ، رُبَّمَا أَدْمَى نَابُهُ شَفَتَهُ، لَهُ جُمَّةٌ أَسْفَلَ مِنْ أُذُنَيْهِ، أَعْنَقَ، ضَخْمَ الكَتِفَيْنِ.وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ رَجُلاً طُوَالاً، حَسَنَ الوَجْهِ، رَقِيْقَ البَشْرَةِ، فِيْهِ جَنَأٌ أَبْيَضَ، مُشْرَباً حُمْرَةً، لاَ يُغَيِّرُ شَيْبَهُ.
[b]من مناقبه
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَهِدَ لَهُ بِالجَنَّةِ، وَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ الَّذِيْنَ قِيْلَ لَهُم: (اعْمَلُوا مَا شِئْتُم). وَمِنْ أَهْلِ هَذِهِ الآيَةِ: {لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ المُؤْمِنِيْنَ إِذْ يُبَايِعُوْنَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} وَقَدْ صَلَّى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَاءهُ
دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ! إِنِّي أَخْشَى أَنْ أَكُوْنَ قَدْ هَلَكْتُ، إِنِّي مِنْ أَكْثَرِ قُرَيْشٍ مَالاً، بِعْتُ أَرْضاً لِي بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفِ دِيْنَار. قَالَتْ: يَا بُنَيَّ! أَنْفِقْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (إِنَّ مِنْ أَصْحَابِي مَنْ لَنْ يَرَانِي بَعْدَ أَنْ أُفَارِقَهُ). فَأَتَيْتُ عُمَرَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَأَتَاهَا، فَقَالَ: بِاللهِ أَنَا مِنْهُم. قَالَتْ: اللَّهُمَّ لاَ، وَلَنْ أُبْرِئَ أَحَداً بَعْدَكَ.
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (يَا ابْنَ عَوْفٍ! إِنَّكَ مِنَ الأَغْنِيَاءِ، وَلنْ تَدْخُلَ الجَنَّةَ إِلاَّ زَحْفاً، فَأَقْرِضِ اللهَ -تَعَالَى- يُطْلِقْ لَكَ قَدَمَيْكَ). قَالَ: فَمَا أُقْرِضُ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ: (أَتَانِي جِبْرِيْلُ، فَقَالَ: مُرْهُ فَلْيُضِفِ الضَّيْفَ، وَلْيُعْطِ فِي النَّائِبَةِ، وَلْيُطْعِمِ المِسْكِيْنَ).
كَانَ بَيْنَ خَالِدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ شَيْءٌ. فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (دَعُوا لِي أَصْحَابِي، أَوْ أُصَيْحَابِي، فَإِنَّ أَحَدَكُم لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحِدٍ ذَهَباً لَمْ يُدْرِكْ مُدَّ أَحَدِهِم وَلاَ نَصِيْفَهُ).
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عَلَى حِرَاءَ، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ، فَقَالَ: (اثْبُتْ حِرَاءُ! فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيْقٌ، أَوْ شَهِيْدٌ).
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَى رَهْطاً فِيْهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ، فَلَمْ يُعْطِهِ، فَخَرَجَ يَبْكِي. فَلَقِيَهُ عُمَرُ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيْكَ؟ فَذَكَرَ لَهُ، وَقَالَ: أَخْشَى أَنْ يَكُوْنَ مَنَعَهُ مَوْجِدَةٌ وَجَدَهَا عَلَيَّ. فَأَبْلَغَ عُمَرُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (لَكِنِّي وَكَلْتُهُ إِلَى إِيْمَانِهِ).
وَمِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَزْلُهُ نَفْسَهُ مِنَ الأَمْرِ وَقْتَ الشُّورَى، وَاخْتِيَارُهُ لِلأُمَّةِ مَنْ أَشَارَ بِهِ أَهْلُ الحِلِّ وَالعَقْدِ، فَنَهَضَ فِي ذَلِكَ أَتَمَّ نُهُوضٍ عَلَى جَمْعِ الأُمَّةِ عَلَى عُثْمَانَ، وَلَوْ كَانَ مُحَابِياً فِيْهَا لأَخَذَهَا لِنَفْسِهِ، أَوْ لَوَلاَّهَا ابْنَ عَمِّهِ، وَأَقْرَبَ الجَمَاعَةِ إِلَيْهِ، سَعْدَ بنَ أَبِي وَقَّاصٍ.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ قَالَ لأَهْلِ الشُّورَى: هَلْ لَكُم أَنْ أَخْتَارَ لَكُمْ وَأَنْفَصِلَ مِنْهَا؟ قَالَ عَلِيٌّ: نَعَمْ، أَنَا أَوَّلُ مَنْ رَضِيَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (إِنَّكَ أَمِيْنٌ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ، وَأَمِيْنٌ فِي أَهْلِ الأَرْضِ).
عَنْ طَلْحَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَوْفٍ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ المَدِيْنَةِ عِيَالاً عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ: ثُلُثٌ يُقْرِضُهُمْ مَالَهُ، وَثُلُثٌ يَقْضِي دَيْنَهُمْ، وَيَصِلُ ثُلثاً.
غُشِيَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ فِي وَجَعِهِ حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ فَاضَتْ نَفْسُهُ، حَتَّى قَامُوا مِنْ عِنْدِهِ وَجَلَّلُوْهُ، فَأَفَاقَ يُكَبِّرُ، فَكَبَّرَ أَهْلَ البَيْتِ، ثُمَّ قَالَ لَهُم: غُشِيَ عَلَيَّ آنِفاً؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: صَدَقْتُم! انْطَلَقَ بِي فِي غَشْيَتِي رَجُلاَنِ، أَجِدُ فِيْهِمَا شِدَّةً وَفَظَاظَةً، فَقَالاَ: انْطَلِقْ نُحَاكِمْكَ إِلَى العَزِيْزِ الأَمِيْنِ، فَانْطَلَقَا بِي حَتَّى لَقِيَا رَجُلاً. قَالَ: أَيْنَ تَذْهَبَانِ بِهَذَا؟ قَالاَ: نُحَاكِمُهُ إِلَى العَزِيْزِ الأَمِيْنِ. فَقَالَ: ارْجِعَا، فَإِنَّهُ مِنَ الَّذِيْنَ كَتَبَ اللهُ لَهُمُ السَّعَادَةَ وَالمَغْفِرَةَ وَهُمْ فِي بُطُوْنِ أُمَّهَاتِهِم، وَإِنَّهُ سَيُمَتَّعُ بِهِ بَنُوْهُ إِلَى مَا شَاءَ اللهُ، فَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ شَهْراً.
والقصة المعروفة لَمَّا هَاجَرَ إِلَى المَدِيْنَةِ كَانَ فَقِيْراً لاَ شَيْءَ لَهُ، فَآخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بنِ الرَّبِيْعِ، أَحَدِ النُّقَبَاءِ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُشَاطِرَهُ نِعْمَتَهُ، وَأَنْ يُطَلِّقَ لَهُ أَحْسَنَ زَوْجَتَيْهِ. فَقَالَ لَهُ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، وَلَكِنْ دُلَّنِي عَلَى السُّوْقِ، فَذَهَبَ، فَبَاعَ وَاشْتَرَى، وَرَبِحَ، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ أَنْ صَارَ مَعَهُ دَرَاهِمَ، فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى زِنَةٍ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ رَأَى عَلَيْهِ أَثَراً مِنْ صُفْرَةٍ: (أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ).اى أقم وليمة عرس ثُمَّ آلَ أَمْرُهُ فِي التِّجَارَةِ إِلَى مَا آلَ
رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته وجمعنا به فى الفردوس الاعلى بدون حساب ولا عذاب
عدل سابقا من قبل alaa elbestawy في السبت مارس 05, 2011 1:23 am عدل 1 مرات | |
|
| |
alaa elbestawy مشرف قسم بالمنتدى
عدد المساهمات : 62 نقاط : 25245 مظهر الاعضاء : 0 تاريخ التسجيل : 15/02/2011
| موضوع: رد: سلسلة سير أعلام النبلاء الأحد فبراير 27, 2011 5:33 am | |
| الحلقة الخامسة وبطلها خال النبى صلى الله عليه وسلم سعد بن أبى وقاص
أَحَدُ العَشَرَةِ، وَأَحَدُ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ، وَأَحَدُ مَنْ شَهِدَ بَدْراً، وَالحُدَيْبِيَةَ، وَأَحَدُ السِّتَّةِ أَهْلِ الشُّوْرَى.
شكله عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، قَالَتْ: كَانَ أَبِي رَجُلاً قَصِيْراً، دَحْدَاحاً، غَلِيْظاً، ذَا هَامَةٍ، شَثْنَ الأَصَابِعِ، أَشْعَرَ، يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.
اسلامه يَقُوْلُ: مَا أَسْلَمَ أَحَداً فِي اليَوْمِ الَّذِي أَسْلَمْتُ، وَلَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَ لَيَالٍ، وَإِنِّي لَثُلُثُ الإِسْلاَمِ
مناقبه 1-أَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيْلِ اللهِ: سَعْدٌ، وَإِنَّهُ مِنْ أَخْوَالِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. بَعَثَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَرِيَّةً فِيْهَا سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ إِلَى جَانِبٍ مِنَ الحِجَازِ، يُدْعَى: رَابِغٍ، وَهُوَ مِنْ جَانِبِ الجُحْفَةِ، فَانْكَفَأَ المُشْرِكُوْنَ عَلَى المُسْلِمِيْنَ، فَحَمَاهُمْ سَعْدٌ يَوْمَئِذٍ بِسِهَامِهِ، فَكَانَ هَذَا أَوَّلُ قِتَالٍ فِي الإِسْلاَمِ. فَقَالَ سَعْدٌ: أَلاَ هَلْ أَتَى رَسُوْلَ اللهِ أَنِّي * حَمَيْتُ صَحَابَتِي بِصُدُورِ نَبْلِي فَمَا يَعتَدُّ رَامٍ فِي عَدُوٍّ * بِسَهْمٍ يَا رَسُوْلَ اللهِ قَبْلِي
عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ أَقْبَلَ سَعْدُ بنُ مَالِكٍ. فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (هَذَا خَالِي، فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ).
2-أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمَعَ لَهُ أَبَوَيْهِ. كَانَ رَجُلٌ مِنَ المُشْرِكِيْنَ قَدْ أَحْرَقَ المُسْلِمِيْنَ فى أحد فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ: (ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي). فَنَزَعْتُ بِسَهْمٍ لَيْسَ فِيْهِ نَصْلٌ، فَأَصَبْتُ جَبْهَتَهُ، فَوَقَعَ، وَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ، فَضَحِكَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُه. قَالَ عَلِيٌّ بن أبى طالب: مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَجْمَعُ أَبَوَيْهِ لأَحَدٍ غَيْرَ سَعْدٍ.
3-أحد العشرة المبشرين بالجنة لحديث النبى إِنَّهُ قَالَ: (أَبُو بَكْرٍ فِي الجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الجَنَّةِ، وَعلِيٌّ فِي الجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الجَنَّةِ، وَطَلْحَةُ فِي الجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ فِي الجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي الجَنَّةِ، وَسَعْدُ بنُ مَالِكٍ فِي الجَنَّةِ....
وايضا عن ابن عمر كُنَّا جُلُوْساً عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (يَدْخُلُ عَلَيْكُم مِنْ هَذَا البَابِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ). فَطَلَعَ سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ.
4-كان مستجاب الدعوة عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: (اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ لِسَعْدٍ) ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
شَكَا أَهْلُ الكُوْفَةِ سَعْداً إِلَى عُمَرَ، فَقَالُوا: إِنَّهُ لاَ يُحْسِنُ أَنْ يُصَلِّي. فَقَالَ سَعْدٌ: أَمَّا أَنَا، فَإِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي بِهِم صَلاَةَ رَسُوْلِ اللهِ صَلاَتَي العَشِيِّ، لاَ أَخْرِمُ مِنْهَا، أَرْكُدُ فِي الأُوْلَيَيْنِ، وَأَحْذِفُ فِي الأُخْرَيَيْنِ. فَقَالَ عُمَرُ: ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ. فَبَعَثَ رِجَالاً يَسْأَلُوْنَ عَنْهُ بِالكُوْفَةِ، فَكَانُوا لاَ يَأْتُوْنَ مَسْجِداً مِنْ مَسَاجِدِ الكُوْفَةِ إِلاَّ قَالُوا خَيْراً، حَتَّى أَتَوْا مَسْجِداً لِبَنِي عَبْسٍ. فَقَالَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو سعدَةَ: أَمَا إِذْ نَشَدْتُمُوْنَا بِاللهِ، فَإِنَّهُ كَانَ لاَ يَعْدِلُ فِي القَضِيَّةِ، وَلاَ يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ، وَلاَ يَسِيْرُ بِالسَّرِيَّةِ. فَقَالَ سَعْدٌ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَاذِباً فَأَعْمِ بَصَرَهُ، وَأَطِلْ عُمُرَهُ، وَعَرِّضْهُ لِلْفِتَنِ. قَالَ عَبْدُ المَلِكِ: فَأَنَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ يَتَعَرَّضُ لِلإِمَاءِ فِي السِّكَكِ، فَإِذَا سُئِلَ كَيْفَ أَنْتَ؟ يَقُوْلُ: كَبِيْرٌ مَفْتُوْنٌ، أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ.
5- نزلت فيه {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا} [العَنْكَبُوْتُ: 8]. قَالَ: كُنْتُ بَرّاً بِأُمِّي، فَلَمَّا أَسْلَمْتُ، قَالَتْ: يَا سَعْدُ! مَا هَذَا الدِّيْنُ الَّذِي قَدْ أَحْدَثْتَ؟ لَتَدَعَنَّ دِيْنَكَ هَذَا، أَوْ لاَ آكُلُ، وَلاَ أَشْرَبُ حَتَّى أَمُوْتَ، فَتُعَيَّرَ بِي، فَيُقَالُ: يَا قَاتِلَ أُمِّهِ. قُلْتُ: لاَ تَفْعَلِي يَا أُمَّهُ، إِنِّي لاَ أَدَعُ دِيْنِي هَذَا لِشَيْءٍ. فَمَكَثَتْ يَوْماً لاَ تَأْكُلُ وَلاَ تَشْرَبُ وَلَيْلَةً، وَأَصْبَحَتْ وَقَدْ جُهِدَتْ. فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ، قُلْتُ: يَا أُمَّهُ! تَعْلَمِيْنَ - وَالله - لَوْ كَانَ لَكِ مَائَةُ نَفْسٍ، فَخَرَجَتْ نَفْساً نَفْساً، مَا تَرَكْتُ دِيْنِي، إِنْ شِئْتِ فَكُلِي أَوْ لاَ تَأْكُلِي. فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ، أَكَلَتْ.
فى فتنة مقتل عثمان وما بعدها اعْتَزَلَ سَعْدٌ الفِتْنَةَ، فَلاَ حَضَرَ الجَمَلَ، وَلاَ صِفِّيْنَ، وَلاَ التَّحْكِيْمَ، وَلَقَدْ كَانَ أَهْلاً لِلإِمَامَةِ، كَبِيْرَ الشَّأْنِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-. عن حُسَيْنِ بنِ خَارِجَةَ الأَشْجَعِيِّ، قَالَ قلت لسعد بن أبى وقاص مَعَ أَيِّ الطَّائِفَتَيْنِ أَنْتَ؟قَالَ: مَا أَنَا مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي؟قَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ غَنَمٍ؟قُلْتُ: لاَ.قَالَ: فَاشْتَرِ غَنَماً، فَكُنْ فِيْهَا حَتَّى تَنْجَلِي.
مرضه و وفاته عَنْ عَامِرِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: مَرِضْتُ عَامَ الفَتْحِ مَرَضاً أَشْفَيْتُ مِنْهُ، فَأَتَانِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعُوْدُنِي. (1/121) فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! إِنَّ لِي مَالاً كَثِيْراً، وَلَيْسَ يَرِثُنِي إِلاَّ ابْنَةٌ، أَفَأُوْصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ: (لاَ). قُلْتُ: فَالشَّطْرُ؟ قَالَ: (لاَ). قُلْتُ: فَالثُّلُثُ؟ قَالَ: (وَالثُّلُثُ كَثِيْرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَتْرُكَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتْرُكَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُوْنَ النَّاسَ، لَعَلَّكَ تُؤَخَّرُ عَلَى جَمِيْعِ أَصْحَابِكَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تُرِيْدُ بِهَا وَجْهَ اللهِ إِلاَّ أُجِرْتَ فِيْهَا، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا إِلَى فِيِّ امْرَأَتِكَ). قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! إِنِّي أَرْهَبُ أَنْ أَمُوْتَ بِأَرْضٍ هَاجَرْتُ مِنْهَا. قَالَ: (لَعَلَّكَ أَنْ تَبْقَى حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ، وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُوْنَ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُم، وَلاَ تَرُدَّهُم عَلَى أَعْقَابِهِم، ..).
عَنْ مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَأْسُ أَبِي فِي حجْرِي، وَهُوَ يَقْضِي، فَبَكَيْتُ. فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيَّ، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ! مَا يُبْكِيْكَ؟ قُلْتُ: لِمَكَانِكَ، وَمَا أَرَى بِكَ. قَالَ: لاَ تَبْكِ، فَإِنَّ اللهَ لاَ يُعَذِّبُنِي أَبَداً، وَإِنِّي مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ.
عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ سَعْدَ بنَ أَبِي وَقَّاصٍ لَمَّا احْتُضِرَ، دَعَا بِخَلَقِ جُبَّةِ صُوْفٍ، فَقَالَ: كَفِّنُوْنِي فِيْهَا، فَإِنِّي لَقِيْتُ المُشْرِكِيْنَ فِيْهَا يَوْمَ بَدْرٍ، وَإِنَّمَا خَبَأْتُهَا لِهَذَا اليَوْمِ
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: لَمَّا مَاتَ سَعْدٌ، وَجِيْءَ بِسَرِيْرِهِ، فَأُدْخِلَ عَلَيْهَا، جَعَلت تَبْكِي وَتَقُوْلُ: بَقِيَّةُ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
عَنْ عَامِرِ بنِ سَعْدٍ، قَالَ: كَانَ سَعْدٌ آخِرَ المُهَاجِرِيْنَ وَفَاةً.
رحمه الله رحمة واسعة
| |
|
| |
alaa elbestawy مشرف قسم بالمنتدى
عدد المساهمات : 62 نقاط : 25245 مظهر الاعضاء : 0 تاريخ التسجيل : 15/02/2011
| موضوع: رد: سلسلة سير أعلام النبلاء الأربعاء مارس 02, 2011 10:14 am | |
| الحلقة السادسة
سَعِيْدُ بنُ زَيْدِ بنِ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ العَدَوِيُّ
أَحَدُ العَشَرَةِ المَشْهُوْدِ لَهُم بِالجَنَّةِ، وَمِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ البَدْرِيِّيْنَ، وَمِنَ الَّذِيْنَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم وَرَضُوْا عَنْهُ. شَهِدَ المَشَاهِدَ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَشَهِدَ حِصَارَ دِمَشْقَ، وَفَتَحَهَا، فَوَلاَّهُ عَلَيْهَا أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ، فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ عَمِلَ نِيَابَةَ دِمَشْقَ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ.
شكله
قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ سَعِيْدٌ رَجُلاً آدَمَ، طَوِيْلاً، أَشْعَرَ
كَانَ وَالِدُهُ زَيْدُ بنُ عَمْرٍو مِمَّنْ فَرَّ إِلَى اللهِ مِنْ عِبَادَةِ الأَصْنَامِ، وَسَاحَ فِي أَرْضِ الشَّامِ يَتَطَلَّبُ الدِّيْنَ القَيِّمِ، فَرَأَى النَّصَارَى وَاليَهُوْدَ، فَكَرِهَ دِيْنَهُمْ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَلَى دِيْنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَلَكِنْ لَمْ يَظْفَرْ بِشَرِيْعَةِ إِبْرَاهِيْمَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- كَمَا يَنْبَغِي، وَلاَ رَأَى مَنْ يُوْقِفُهُ عَلَيْهَا، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّجَاةِ، فَقَدْ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَنَّهُ: (يُبْعَثُ أُمَّةً وَحْدَهُ). وَهُوَ ابْنُ عَمِّ الإِمَامِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ يَعِشْ حَتَّى بُعِثَ.
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: لَقَدْ رَأَيْتُ زَيْدَ بنَ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ قَائِماً، مُسْنِداً ظَهْرَهُ إِلَى الكَعْبَةِ، يَقُوْلُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! وَاللهِ مَا فِيْكُمْ أَحَدٌ عَلَى دِيْنِ إِبْرَاهِيْمَ غَيْرِيْ.
نَقَلَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ وَرَقَةَ بنَ نَوْفَلٍ رَثَاهُ بِأَبْيَاتٍ، وَهِيَ:
رَشَدْتَ وَأَنْعَمْتَ ابْنَ عَمْرٍو وَإِنَّمَا * تَجَنَّبْتَ تَنُّوْراً مِنَ النَّارِ حَامِيَا
بِدِيْنِكَ رَبّاً لَيْسَ رَبٌّ كَمِثِلِهِ * وَتَرْكِكَ أَوْثَانَ الطَّوَاغِي كَمَا هِيَا وَإِدْرَاكِكَ الدِّيْنَ الَّذِي قَدْ طَلَبْتَهُ * وَلَمْ تَكُ عَنْ تَوْحِيْدِ رَبِّكَ سَاهِيَا فَأَصْبَحْتَ فِي دَارٍ كَرِيْمٍ مُقَامُهَا * تُعَلَّلُ فِيْهَا بِالكَرَامَةِ لاَهِيَا وَقَدْ تُدْرِكُ الإِنْسَانَ رَحْمَةُ رَبِّهِ * وَلَوْ كَانَ تَحْتَ الأَرْضِ سَبْعِيْنَ وَادِيَا
اسلام سعيد بن زيد
وَامْرَأَتُهُ: هِيَ ابْنَةُ عَمِّهِ فَاطِمَةُ، أُخْتُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ. أَسْلَمَ سَعِيْدٌ قَبْلَ دُخُوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَارَ الأَرْقَمِ
من مناقبه
1-أَنَّ أَرْوَى بِنْتَ أُوَيْسٍ ادَّعَتْ أَنَّ سَعِيْدَ بنَ زَيْدٍ أَخَذَ شَيْئاً مِنْ أَرْضِهَا، فَخَاصَمَتْهُ إِلَى مَرْوَانَ. فَقَالَ سَعِيْدٌ: أَنَا كُنْتُ آخُذُ مِنْ أَرْضِهَا شَيْئاً بَعْدَ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: (مَنْ أَخَذَ شَيْئاً مِنَ الأَرْضِ طُوِّقَهُ إِلَى سَبْعِ أَرَضِيْنَ). قَالَ مَرْوَانُ: لاَ أَسَأَلُكَ بَيِّنَةً بَعْدَ هَذَا. فَقَالَ سَعِيْدٌ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ كَاذبَةً فَأَعْمِ بَصَرَهَا، وَاقْتُلْهَا فِي أَرْضِهَا. فَمَا مَاتَتْ حَتَّى عَمِيَتْ، وَبَيْنَا هِيَ تَمْشِي فِي أَرْضِهَا إِذْ وَقَعَتْ فِي حُفْرَةٍ فَمَاتَتْ.
2-كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى مَرْوَانَ وَالِي المَدِيْنَةِ لِيُبَايِعَ لابْنِهِ يَزِيْدَ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُنْدِ الشَّامِ: مَا يَحْبِسُكَ؟ قَالَ: حَتَّى يَجِيْءُ سَعِيْدُ بنُ زَيْدٍ فَيُبَايِعُ، فَإِنَّهُ سَيِّدُ أَهْلِ البَلَدِ، وَإِذَا بَايَعَ بَايَعَ النَّاسُ
3-عَنْ سَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ -: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (اسْكُنْ حِرَاءُ! فَمَا عَلَيْكَ إِلاَّ نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيْقٌ، أَوْ شَهِيْدٌ).
وَعَلَيْهِ النَّبِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَسَعِيْدُ بنُ زَيْدٍ
وفاته
عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قَالَتْ: مَاتَ سَعِيْدُ بنُ زَيْدٍ بِالعَقِيْقِ، فَغَسَّلَهُ سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَكَفَّنَهُ، وَخَرَجَ مَعَهُ
| |
|
| |
alaa elbestawy مشرف قسم بالمنتدى
عدد المساهمات : 62 نقاط : 25245 مظهر الاعضاء : 0 تاريخ التسجيل : 15/02/2011
| موضوع: رد: سلسلة سير أعلام النبلاء الخميس مارس 03, 2011 6:21 pm | |
| الحلقة السابعة
أَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الأَسَدِ بنِ هِلاَلِ
ابْنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ مَخْزُوْمِ بنِ يَقَظَةَ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبٍ. السَّيِّدُ الكَبِيْرُ، أَخُو رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَابْنُ عَمَّتِهِ: بَرَّةَ بِنْتِ عَبْدِ المُطَّلِبِ. وَأَحَدُ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ، هَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى المَدِيْنَةِ، وَشَهِدَ بَدْراً، وَمَاتَ بَعْدَهَا بِأَشْهُرٍ، وَلَهُ أَوْلاَدٌ صَحَابَةٌ: كَعُمَرَ، وَزَيْنَب، وَغَيْرِهِمَا. وَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّةُ زَوْجَتِهِ أُمّ سَلَمَةَ، تَزَوَّجَ بِهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وَرَوَتْ عَنْ زَوْجِهَا أَبِي سَلَمَةَ القَوْلَ عِنْدَ المُصِيْبَةِ، وَكَانَتْ تَقُوْلُ: مَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَمَا ظَنَّتْ أَنَّ اللهَ يُخْلِفُهَا فِي مُصَابِهَا بِهِ بِنَظِيْرِهِ، فَلَمَّا فُتِحَ عَلَيْهَا بِسَيِّدِ البَشَرِ، اغْتَبَطَتْ أَيّمَا اغْتِبَاطٍ.
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِذَا حَضَرْتُمْ المَيِّتَ فَقُوْلُوا خَيْراً، فَإِنَّ المَلاَئِكَةَ تُؤَمِّنُ عَلَى مَا تَقُوْلُوْنَ). قَالَتْ: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ، قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! كَيْفَ أَقُوْلُ؟ قَالَ: (قُوْلِي: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، وَأَعْقِبْنَا منهُ عُقْبَى صَالِحَةً). فَأَعْقَبَنِي اللهُ خَيْراً مِنْهُ؛ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: هُوَ أَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ، ثُمَّ قَدِمَ مَعَ عُثْمَانَ بنِ مَظْعُوْنٍ حِيْنَ قَدِمَ مِنَ الحَبَشَةِ، فَأجَارَهُ أَبُو طَالِبٍ. رَجَعُوا حِيْنَ سَمِعُوا بِإِسْلاَمِ أَهْلِ مَكَّةَ، عِنْدَ نُزُوْلِ سُوْرَة وَالنَّجْمِ.
شَهِدَ أَبُو سَلَمَةَ أُحُداً، ، فَجُرِحَ بِأُحُدٍ، وَأَقَامَ شَهْراً يُدَاوِي جُرْحَهُ. فَلَمَّا هَلَّ المُحَرَّمُ، دَعَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: (اخْرُجْ فِي هَذِهِ السَّرِيَّةِ).وَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً، وَقَالَ: (سِرْ حَتَّى تَأْتِيَ أَرْضَ بَنِي أَسَدٍ، فَأَغِرْ عَلَيْهِم). وَكَانَ مَعَهُ خَمْسُوْنَ وَمَائَةٌ، فَسَارُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى أَدْنَى قطنٍ مِنْ مِيَاهِهِم، فَأَخَذُوا سرْحاً لَهُم، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى المَدِيْنَةِ بَعْدَ بِضْع عَشْرَة لَيْلَةً.
لَمَّا دَخَلَ أَبُو سَلَمَةَ المَدِيْنَةَ انْتَقَضَ جُرْحُهُ فمَاتَ كَهْلاً، فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ مِنَ الهِجْرَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
| |
|
| |
alaa elbestawy مشرف قسم بالمنتدى
عدد المساهمات : 62 نقاط : 25245 مظهر الاعضاء : 0 تاريخ التسجيل : 15/02/2011
| موضوع: رد: سلسلة سير أعلام النبلاء الخميس مارس 03, 2011 6:25 pm | |
| الحلقة الثامنة
مصعب بن عمير
قَالَ البَرَاءُ بنُ عَازِبٍ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ المُهَاجِرِيْنَ مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ. فَقُلْنَا لَهُ: مَا فَعَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَقَالَ: هُوَ مَكَانَهُ، وَأَصْحَابُهُ عَلَى أَثَرِي.
عَنْ خَبَّابٍ، قَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ نَبْتَغِي وَجْهَ اللهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لِسَبِيْلِهِ، لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئاً، مِنْهُم مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَلَمْ يَتْرُكْ إِلاَّ نَمِرَةً كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلاَهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ. فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (غَطُّوا رَأْسَهُ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجلَيْهِ مِنَ الإِذْخِرِ). وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ، فَهُوَ يُهْدِبُهَا.
أُتِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ بِطَعَامٍ، فَجَعَلَ يَبْكِي، فَقَالَ:
قُتِل حَمْزَة، فَلَمْ يُوْجَدْ مَا يُكَفَّنُ فِيْهِ إِلاَّ ثَوْباً وَاحِداً، وَقُتِلَ مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ، فَلَمْ يُوْجَدْ مَا يُكَفَّنُ فِيْهِ إِلاَّ ثَوْباً وَاحِداً، لَقَدْ خَشِيْتُ أَنْ يَكُوْنَ عُجِّلَتْ لَنَا طَيِّبَاتُنَا فِي حَيَاتِنَا الدُّنْيَا، وَجَعَلَ يَبْكِي.
عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُوْلُ: إِنَّهُ اسْتَقَى لِحَائِطِ يَهُوْدِيٍّ بِمِلْءِ كَفِّهِ تَمْراً. قَالَ: فَجِئْتُ المَسْجِدَ، فَطَلَعَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ فِي بُرْدَةٍ لَهُ مَرْقُوْعَةٍ بِفَرْوَةٍ، وَكَانَ أَنْعَمَ غُلاَمٍ بِمَكَّةَ وَأَرْفَهَ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ مَا كَانَ فِيْهِ مِنَ النَّعِيْمِ، وَرَأَى حَالَهُ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا، فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: (أَنْتُمُ اليَوْمَ خَيْرٌ أَمْ إِذَا غُدِيَ عَلَى أَحَدِكُم بِجَفْنَةٍ مِنْ خُبْزٍ وَلَحْمٍ؟). فَقُلْنَا: نَحْنُ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ، نُكْفَى المُؤْنَةَ، وَنَتَفَرَّغُ لِلْعِبَادَةِ. فَقَالَ: (بَلْ أَنْتُمُ اليَوْمَ خَيْرٌ مِنْكُمْ يَوْمَئِذٍ). عَنْ سَعْدِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ: كُنَّا قَبْلَ الهِجْرَةِ يُصِيْبُنَا ظَلفُ العَيْشِ وَشِدَّتُهُ، فَلاَ نَصْبِرُ عَلَيْهِ، فَمَا هُوَ إِلاَّ أَنْ هَاجَرْنَا، فَأَصَابَنَا الجُوْعُ وَالشِّدَّةُ، فَاسْتَضْلَعْنَا بِهِمَا، وَقَوِيْنَا عَلَيْهِمَا.
فَأَمَّا مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ، فَإِنَّهُ كَانَ أَتْرَفَ غُلاَمٍ بِمَكَّةَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ فِيْمَا بَيْنَنَا، فَلَمَّا أَصَابَهُ مَا أَصَابَنَا لَمْ يَقْوَ عَلَى ذَلِكَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَإِنَّ جِلْدَهُ لَيَتَطَايَرُ عَنْهُ تَطَايُرَ جِلْدِ الحَيَّةِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْقَطِعُ بِهِ، فَمَا يَسْتَطِيْعُ أَنْ يَمْشِي، فَنَعْرِضُ لَهُ القِسِيَّ ثُمَّ نَحْمِلُهُ عَلَى عَوَاتِقِنَا. وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي مَرَّةً، قُمْتُ أَبُوْلُ مِنَ اللَّيْلِ، فَسَمِعْتُ تَحْتَ بَوْلِي شَيْئاً يُجَافِيْهِ، فَلَمَسْتُ بِيَدِي، فَإِذَا قِطْعَةٌ مِنْ جِلْدِ بَعِيْرٍ، فَأَخَذْتُهَا، فَغَسَلْتُهَا حَتَّى أَنْعَمْتُهَا، ثُمَّ أَحْرَقْتُهَا بِالنَّارِ، ثُمَّ رَضَضْتُهَا، فَشَقَقْتُ مِنْهَا ثَلاَثَ شقَّاتٍ، فَاقْتَوَيْتُ بِهَا ثَلاَثاً.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَاتَلَ مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ دُوْنَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى قُتِلَ. قَتَلَهُ ابْنُ قَمِئَةَ اللَّيْثِيُّ، وَهُوَ يَظُنُّهُ رَسُوْلَ اللهِ، فَرَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ، فَقَالَ: قَتَلْتُ مُحَمَّداً. فَلَمَّا قُتِلَ مُصْعَبٌ، أَعْطَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اللِّوَاءَ عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ، وَرِجَالاً مِنَ المُسْلمين
| |
|
| |
alaa elbestawy مشرف قسم بالمنتدى
عدد المساهمات : 62 نقاط : 25245 مظهر الاعضاء : 0 تاريخ التسجيل : 15/02/2011
| موضوع: رد: سلسلة سير أعلام النبلاء السبت مارس 05, 2011 1:18 am | |
| الحلقة التاسعة
قُدَامَةُ بنُ مَظْعُوْنٍ أَبُو عَمْرٍو الجُمَحِيُّ مِنَ السَّابِقِيْنَ البَدْرِيِّيْنَ، وَلِيَ إِمْرَةَ البَحْرَيْنِ لِعُمَرَ، وَهُوَ مِنْ أَخْوَالِ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ حَفْصَةَ، وَابنِ عُمَرَ، وَزَوْجُ عَمَّتِهَا صَفِيَّةَ بِنْتِ الخَطَّابِ، إِحْدَى المُهَاجِرَاتِ. وَلِقُدَامَةَ هِجْرَةٌ إِلَى الحَبَشَةِ، وَقَدْ شَرِبَ مَرَّةً الخَمْرَةَ مُتَأَوِّلاً، مُسْتَدِلاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِيْنَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيْمَا طَعِمُوا}، الآيَةُ [المَائِدَةُ: 93] فَحَدَّهُ عُمَرُ، وَعَزَلَهُ مِنَ البَحْرَيْنِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: لِقُدَامَةَ مِنَ الوَلَدِ: عُمَرُ، وَفَاطِمَةُ، وَعَائِشَةُ، وَهَاجَرَ الهِجْرَةَ الثَّانِيَةَ إِلَى الحَبَشَةِ، وَشَهِدَ بَدْراً، وَأُحُداً. وَعَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ: أَنَّ أَبَاهَا تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ، وَلَهُ ثَمَانٍ وَسِتُّوْنَ سَنَةً، وَكَانَ لاَ يُغَيِّرُ شَيْبَهُ، وَكَانَ طَوِيْلاً أَسْمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
عَبْدُ اللهِ بنُ مَظْعُوْنٍ الجُمَحِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ مِنَ السَّابِقِيْنَ، شَهِدَ بَدْراً وَهَاجَرَ عَبْدُ اللهِ إِلَى الحَبَشَةِ الهِجْرَةَ الثَّانِيَةَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: شَهِدَ بَدْراً، وَأُحُداً، وَالخَنْدَقَ، وَآخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَهْلِ بنِ عُبَيْدِ بنِ المُعَلَّى الأَنْصَارِيِّ. قَالَ: وَمَاتَ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ، وَهُوَ ابْنُ سِتِّيْنَ سَنَةً.
السَّائِبُ بنُ عُثْمَانَ بنِ مَظْعُوْنٍ الجُمَحِيُّ وَأُمُّهُ: خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيْمٍ السُّلَمِيَّةُ. هَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ، وَكَانَ مِنَ الرُّمَاةِ المَذْكُوْرِيْنَ، وَآخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَارِثَةَ بنِ سُرَاقَةَ الأَنْصَارِيِّ، المَقْتُوْلُ بِبَدْرٍ، الَّذِي أَصَابَ الفِرْدَوْسَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَشَهِدَ السَّائِبُ بنُ عُثْمَانَ بَدْراً
أَصَابَهُ سَهْمٌ يَوْمَ اليَمَامَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ. قَالَ: وَمَاتَ مِنْهُ.
| |
|
| |
alaa elbestawy مشرف قسم بالمنتدى
عدد المساهمات : 62 نقاط : 25245 مظهر الاعضاء : 0 تاريخ التسجيل : 15/02/2011
| موضوع: رد: سلسلة سير أعلام النبلاء السبت مارس 05, 2011 1:35 am | |
| الحلقة العاشرة
أَبُو حُذَيْفَةَ بنُ عُتْبَةَ بنِ رَبِيْعَةَ القُرَشِيُّ و مولاه (سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ)
أبو حذيفة
السَّيِّدُ الكَبِيْرُ، الشَّهِيْدُ، أَبُو حُذَيْفَةَ ابْنُ شَيْخِ الجَاهِلِيَّةِ: عُتْبَةَ بنِ رَبِيْعَةَ
شكله
وَكَانَ أَبُو حُذَيْفَةَ طَوِيْلاً، حَسَنَ الوَجْهِ، مُرَادفَ الأَسْنَانِ، وَهُوَ الأَثْعَلُ
اسلامه وغزواته
أَسْلَمَ قَبْلَ دُخُوْلِهِم دَارَ الأَرْقَمِ
وَهَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ مَرَّتَيْنِ، وَوُلِدَ لَهُ بِهَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حُذَيْفَةَ، ذَاكَ الثَّائِرُ عَلَى عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ، وَلَدَتْهُ لَهُ: سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بنِ عَمْرٍو،
َعَنْ أَبِي الزِّنَادِ: أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بنَ عُتْبَةَ دَعَا يَوْمَ بَدْرٍ أَبَاهُ إِلَى البرَازِ(المبارزة ) فَقَالَتْ أُخْتُهُ أُمُّ مُعَاوِيَةَ؛ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ: الأَحْوَلُ الأَثْعَلُ المَذْمُوْمُ طَائِرُهُ * أَبُو حُذَيْفَةَ شَرُّ النَّاسِ فِي الدِّيْنِ أَمَا شَكَرْتَ أَباً رَبَّاكَ مِنْ صِغَرٍ * حَتَّى شَبَبْتَ شَبَاباً غَيْرَ مَحْجُوْنِ
موته
اسْتُشْهِدَ أَبُو حُذَيْفَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَوْمَ اليَمَامَةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، هُوَ وَمَوْلاَهُ سَالِمٌ.
أخوه
تَأَخَّرَ إِسْلاَمُ أَخِيْهِ أَبِي هَاشِمٍ بنِ عُتْبَةَ، فَأَسْلَمَ يَوْمَ الفَتْحِ، وَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ، وَجَاهَدَ، وَسَكَنَ الشَّامَ، وَكَانَ صَالِحاً، دَيِّناً.
مَاتَ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ، وَهُوَ أَخُو الشَّهِيْدِ مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ لأُمِّهِ، وَخَالُ الخَلِيْفَةِ مُعَاوِيَةَ. رَوَى مَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بنُ سَهْمٍ، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى أَبِي هَاشِمٍ بنِ عُتْبَةَ وَهُوَ طَعِيْنٌ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ مُعَاوِيَةُ يَعُوْدُهُ، فَبَكَى. فَقَالَ: مَا يُبْكِيْكَ يَا خَالُ؟ أَوَجَعٌ أَوْ حِرْصٌ عَلَى الدُّنْيَا؟ قَالَ: كُلاًّ لاَ، وَلَكِنْ عَهِدَ إِلَيَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَهْداً لَمْ آخُذْ بِهِ. قَالَ لِي: (يَا أَبَا هَاشِمٍ! لَعَلَّكَ أَنْ تُدْرِكَ أَمْوَالاً تُقْسَمُ بَيْنَ أَقْوَامٍ، وَإِنَّمَا يَكْفِيْكَ مِنْ جَمْعِ الدُّنْيَا خَادِمٌ وَمَرْكِبٌ فِي سَبِيْلِ اللهِ). وَقَدْ وَجدْتُ، وَجَمَعْتُ.
سالم مولى أبى حذيفة
مِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ، البَدْرِيِّيْنَ، المُقَرَّبِيْنَ، العَالِمِيْنَ
أَعْتَقَهُ ثُبَيْتَةُ بِنْتُ يعَار الأَنْصَارِيَّةُ، زَوْجَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ بنِ عُتْبَةَ، وَتَبَنَّاهُ أَبُو حُذَيْفَةَ،
قضية رضاع الكبير
أَنَّ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ أَتَتْ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهِيَ امْرَأَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! إِنَّ سَالِماً مَعِي، وَقَدْ أَدْرَكَ مَا يُدْرِكُ الرِّجَالُ. فَقَالَ: (أَرْضِعِيْهِ، فَإِذَا أَرْضَعْتِهِ فَقَدْ حَرُمَ عَلَيْكِ مَا يَحْرُمُ مِنْ ذِي المَحْرَمِ). قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: أَبَى أَزْوَاجُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَدْخُلَ أَحَدٌ عَلَيْهِنَّ بِهَذَا الرَّضَاعِ، وَقُلْنَ: إِنَّمَا هِيَ رُخْصَةٌ لِسَالِمٍ خَاصَّةً.
مناقبه رضى الله عنه
كان رضى الله عنه من أقرأ الصحابة للقران ومن أعذهم صوتا له
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
اسْتَبْطَأنِي رَسُوْلُ اللهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقَالَ: (مَا حَبَسَكِ؟). قُلْتُ: إِنَّ فِي المَسْجِدِ لأَحْسَنَ مَنْ سَمِعْتُ صَوْتاً بِالقُرْآنِ. فَأَخَذَ رِدَاءهُ، وَخَرَجَ يَسْمَعُهُ، فَإِذَا هُوَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ. فَقَالَ: (الحَمْدُ لِلِّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي أُمَّتِي مِثْلَكَ).
عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ المُهَاجِرِيْنَ نَزَلُوا بِالعُصْبَةِ إِلَى جَنْبِ قُبَاءَ، فَأَمَّهُم سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، لأَنَّهُ كَانَ أَكْثَرَهُم قُرْآناً، فِيْهِم عُمَرُ، وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الأَسَدِ.
وفاته
عن مُحَمَّدَ بنَ ثَابِتِ بنِ قَيْسٍ، قَالَ: لَمَّا انْكَشَفَ المُسْلِمُوْنَ يَوْمَ اليَمَامَةِ، قَالَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ: مَا هَكَذَا كُنَّا نَفْعَلُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. فَحَفَرَ لِنَفْسِهِ حُفْرَةً، فَقَامَ فِيْهَا، وَمَعَهُ رَايَةُ المُهَاجِرِيْنَ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ سَالِماً وُجِدَ هُوَ وَمَوْلاَهُ أَبُو حُذَيْفَةَ، رَأْسُ أَحَدِهِمَا عِنْدَ رِجْلَي الآخَرِ صَرِيْعَيْنِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-.
| |
|
| |
alaa elbestawy مشرف قسم بالمنتدى
عدد المساهمات : 62 نقاط : 25245 مظهر الاعضاء : 0 تاريخ التسجيل : 15/02/2011
| موضوع: رد: سلسلة سير أعلام النبلاء السبت مارس 05, 2011 1:41 am | |
| الحلقة الحادية عشر
حَمْزَةُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ القُرَشِيُّ
الإِمَامُ، البَطَلُ، الضِّرْغَامُ، أَسَدُ اللهِ، أَبُو عُمَارَةَ، وَأَبُو يَعْلَى القُرَشِيُّ، الهَاشِمِيُّ، المَكِّيُّ، ثُمَّ المَدَنِيُّ، البَدْرِيُّ، الشَّهِيْدُ. عَمُّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَخُوْهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ.
اسلامه
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: لَمَّا أَسْلَمَ حَمْزَةُ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدِ امْتَنَعَ، وَأَنَّ حَمْزَةَ سَيَمْنَعُهُ، فَكَفُّوا عَنْ بَعْضِ مَا كَانُوا يَنَالُوْنَ مِنْهُ.
قصة مقتله واستشهاده فى غزوة أحد على يد وحشى
عَنْ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: كَانَ حَمْزَةُ يُقَاتِلُ يَوْمَ أُحُدٍ بَيْنَ يَدَيْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَيْفَيْنِ، وَيَقُوْلُ: أَنَا أَسَدُ اللهِ
عَنْ عَلِيٍّ: قَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (نَادِ حَمْزَةَ). فَقُلْتُ: مَنْ هُوَ صَاحِبُ الجَمَلِ الأَحْمَرِ؟ فَقَالَ حَمْزَةُ: هُوَ عُتْبَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، فَبَارَزَ يَوْمَئِذٍ حَمْزَةُ عُتْبَةَ، فَقَتَلَهُ.
عَنْ جَعْفَرِ بنِ عَمْرِو بنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَدِيِّ بنِ الخِيَارِ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ غَازِيَيْنِ، فَمَرَرْنَا بِحِمْصَ، وَكَانَ وَحْشِيٌّ بِهَا. فَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هَلْ لَكَ أَنْ نَسْأَلَ وَحْشِيّاً كَيْفَ قَتَلَ حَمْزَةَ؟ فَخَرَجْنَا نُرِيْدُهُ، فَسَأَلْنَا عَنْهُ، فَقِيْلَ لَنَا: إِنَّكُمَا سَتَجِدَانِهِ بِفِنَاءِ دَارِهِ، عَلَى طِنْفِسَةٍ لَهُ، وَهُوَ رَجُلٌ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الخَمْرُ، فَإِنْ تَجِدَاهُ صَاحِياً، تَجِدَا رَجُلاً عَرَبِيّاً. فَأَتَيْنَاهُ، فَإِذَا نَحْنُ بِشَيْخٍ كَبِيْرٍ أَسْوَدَ مِثْلَ البُغَاثِ، عَلَى طِنْفِسَةٍ لَهُ، وَهُوَ صَاحٍ، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ.
فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَدِيٍّ، فَقَالَ: ابْنٌ لِعَدِيٍّ؟ وَالله ابْنُ الخِيَارِ أَنْتَ. قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: وَاللهِ مَا رَأَيْتُكَ مُنْذُ نَاوَلْتُكَ أُمَّكَ السَّعْدِيَّةَ الَّتِي أَرْضَعَتْكَ بِذِي طُوَى، وَهِيَ عَلَى بَعِيْرِهَا، فَلَمَعَتْ لِي قَدَمَاكَ. قُلْنَا: إِنَّا أَتَيْنَا لِتُحَدِّثَنَا كَيْفَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ؟ قَالَ: سَأُحَدِّثُكُمَا بِمَا حَدَّثْتُ بِهِ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كُنْتُ عَبْدَ جُبَيْرِ بنِ مُطْعَمٍ، وَكَانَ عَمُّهُ طُعَيْمَةُ بنُ عَدِيٍّ قُتِلَ يَوْم بَدْرٍ. فَقَالَ لِي: إِنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ بعمى فَأَنْتَ حُرٌّ. وَكُنْتُ صَاحِبَ حَرْبَةٍ أَرْمِي، قَلَّمَا أُخْطِئُ بِهَا، فَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ، فَلَمَّا الْتَقَوْا أَخَذْتُ حَرْبَتِي، وَخَرَجْتُ أَنْظُرُ حَمْزَةَ، حَتَّى رَأَيْتُهُ فِي عُرْضِ النَّاسِ مِثْلَ الجَمَلِ الأَوْرَقِ، يَهُدُّ النَّاسَ بِسَيْفِهِ هَدّاً، مَا يُلِيْقُ شَيْئاً، فَوَاللهِ إِنِّي لأَتَهَيَّأُ لَهُ إِذْ تَقَدَّمَنِي إِلَيْهِ سِبَاعُ بنُ عَبْدِ العُزَّى الخُزَاعِيُّ. (1/175) فَلَمَّا رَآهُ حَمْزَةُ، قَالَ: هَلُمَّ إِلَيَّ يَا ابْنَ مُقَطِّعَةِ البُظُوْرِ.
ثُمَّ ضَرَبَهُ حَمْزَةُ، فَوَاللهِ لَكَأَنَّ مَا أَخْطَأَ رَأْسَهُ، مَا رَأَيْتُ شَيْئاً قَطُّ كَانَ أَسْرَعَ مِنْ سُقُوْطِ رَأْسِهِ.
(وفى رواية فَلَمَّا خَرَجَ النَّاسُ عَنْ عَيْنَيْنَ - وَعَيْنُوْنُ: جَبَلٌ تَحْتَ أُحُدٍ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُحُدٍ وَادٍ - قَالَ سِبَاعٌ: هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ؟ فَقَالَ حَمْزَةُ: يَا ابْنَ مُقَطِّعَةِ البُظُوْرِ! تُحَادُّ اللهَ وَرَسُوْلَهُ؟ ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ، فَكَانَ كَأَمْسِ الذَّاهِبِ.)
فَهَزَزْتُ حَرْبَتِي، حَتَّى إِذَا رَضِيْتُ عَنْهَا، دَفَعْتُهَا عَلَيْهِ، فَوَقَعَتْ فِي ثُنَّتِهِ، حَتَّى خَرَجَتْ بَيْنَ رِجْلَيْهِ، فَوَقَعَ، فَذَهَبَ لِيَنُوْءَ، فَغُلِبَ، فَتَرَكْتُهُ وَإِيَّاهَا، حَتَّى إِذَا مَاتَ قُمْتُ إِلَيْهِ، فَأَخَذْتُ حَرْبَتِي، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى العَسْكَرِ، فَقَعَدْتُ فِيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِي حَاجَةٌ بِغَيْرِهِ.
فَلَمَّا افْتَتَحَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ هَرَبْتُ إِلَى الطَّائِفِ، فَلَمَّا خَرَجَ وَفْدُ الطَّائِفِ لِيُسْلِمُوا، ضَاقَتْ عَلَيَّ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، وَقُلْتُ أَلْحَقُ بِالشَّامِ، أَوِ اليَمَنِ، أَوْ بَعْضِ البِلاَدِ، فَوَاللهِ إِنِّي لَفِي ذَلِكَ مِنْ هَمِّي، إِذْ قَالَ رَجُلٌ: وَاللهِ إِنْ يَقْتُلُ مُحَمَّدٌ أَحَداً دَخَلَ فِي دِيْنِهِ. فَخَرَجْتُ، حَتَّى قَدِمْتُ المَدِيْنَةَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (وَحْشِيٌّ؟). (1/176) قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: (اجْلِسْ، فَحَدِّثْنِي كَيْفَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ). فَحَدَّثْتُهُ كَمَا أُحَدِّثُكُمَا. فَقَالَ: (وَيْحَكَ! غَيِّبْ عَنِّي وَجْهَكَ، فَلاَ أَرَيَنَّكَ).
قَالَ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ: ثُمَّ انْتَشَرَ المُسْلِمُوْنَ يَبْتَغُوْنَ قَتْلاَهُمْ، فَلَمْ يَجِدُوا قَتِيْلاً إِلاَّ وَقَدْ مَثَّلُوا بِهِ، إِلاَّ حَنْظَلَةَ بنَ أَبِي عَامِرٍ، وَكَانَ أَبُوْهُ أَبُو عَامِرٍ مَعَ المُشْرِكِيْنَ، فَتُرِكَ لأَجْلِهِ. وَزَعَمُوا أَنَّ أَبَاهُ وَقَفَ عَلَيْهِ قَتِيْلاً، فَدَفَعَ صَدْرَهُ بِرِجْلِهِ. ثُمَّ قَالَ: ديْنَانِ قَدْ أَصَبْتُهُمَا، قَدْ تَقَدَّمْتُ إِلَيْكَ فِي مَصْرَعِكَ هَذَا يَا دنيس، وَلَعَمْرُ اللهِ إِنْ كُنْتَ لَوَاصِلاً لِلرَّحِمِ، بَرّاً بِالوَالِدِ. وَوَجَدُوا حَمْزَةَ قَدْ بُقِرَ بَطْنُهُ، وَاحْتَمَلَ وَحْشِيٌّ كَبِدَهُ إِلَى هِنْدٍ فِي نَذْرٍ نَذَرَتْهُ حِيْنَ قُتِلَ أَبَاهَا يَوْمَ بَدْرٍ، فَدُفِنَ فِي نَمِرَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ، إِذَا رُفِعَتْ إِلَى رَأْسِهِ بَدَتْ قَدَمَاهُ، فَغَطُّوا قَدَمَيْهِ بِشَيْءٍ مِنَ الشَّجَرِ.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِسَاءَ الأَنْصَارِ يَبْكِيْنَ عَلَى هَلْكَاهُنَّ، فَقَالَ: (لَكِنَّ حَمْزَةَ لاَ بَوَاكِيَ لَهُ). فَجِئْنَ، فَبَكَيْنَ عَلَى حَمْزَةَ عِنْدَهُ، إِلَى أَنْ قَالَ: (مُرُوْهُنَّ لاَ يَبْكِيْنَ عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ اليَوْمِ).
عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، وَقَفَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى حَمْزَةَ، وَقَدْ جُدِعَ، وَمُثِّلَ بِهِ. فَقَالَ: (لَوْلاَ أَنْ تَجِدَ صَفِيَّةُ فِي نَفْسِهَا، لَتَرَكتُهُ حَتَّى يَحْشُرَهُ اللهُ مِنْ بُطُوْنِ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ). وَكُفِّنَ فِي نَمِرَةٍ، إِذَا خُمِّرَ رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلاَهُ، وَإِذَا خُمِّرَتْ رِجْلاَهُ بَدَا رَأْسُهُ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الشُّهَدَاءِ. وَقَالَ: (أَنَا شَهِيْدٌ عَلَيْكُم). وَكَانَ يَجْمَعُ الثَّلاَثَةَ فِي قَبْرٍ، وَالاثْنَيْنِ، فَيَسْأَلُ: أَيُّهُمَا أَكْثَرُ قُرْآناً؟ فَيُقَدِّمُهُ فِي اللَّحْدِ. وَكَفَّنَ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلاَثَةَ فِي ثَوْبٍ.
وبكاه النبى صلى الله عليه وسلم كثيرا و قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَئِنْ ظَفِرْتُ بِقُرَيْشٍ، لأُمَثِّلَنَّ بِثَلاَثِيْنَ مِنْهُم). فَلَمَّا رَأَى أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا بِهِ مِنَ الجَزَعِ، قَالُوا:
لَئِنْ ظَفِرْنَا بِهِم، لَنُمَثِّلَنَّ بِهِم مُثْلَةً لَمْ يُمَثِّلْهَا أَحَدٌ مِنَ العَرَبِ بِأَحَدٍ. فَأَنْزَلَ اللهُ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوْقِبْتُمْ بِهِ} [النَّحْلُ: 126] إِلَى آخِرِ السُّوْرَةِ. فَعَفَا رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَمَّا أُصِيْبَ إِخْوَانُكُم بِأُحُدٍ، جَعَلَ اللهُ أَرْوَاحَهُم فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَرِدُ أَنْهَارَ الجَنَّةِ، وَتَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيْلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظِلِّ العَرْشِ.
فَلَمَّا وَجَدُوا طِيْبَ مَأْكَلِهِم وَمَشْرَبِهِم وَمَقِيْلِهِم، قَالُوا: مَنْ يُبَلِّغُ إِخْوَانَنَا عَنَّا أَنَّنَا أَحْيَاءٌ فِي الجَنَّةِ نُرْزَقُ، لِئَلاَّ يَنْكلُوا عِنْدَ الحَرْبِ، وَلاَ يَزْهَدُوا فِي الجِهَادِ؟ قَالَ اللهُ: أَنَا أُبَلِّغُهُم عَنْكُم). فَأُنْزِلَتْ: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِيْنَ قُتِلُوا فِي سَبِيْلِ اللهِ أَمْوَاتاً} [آلُ عِمْرَانَ: 169].
عن جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ،: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابُ أُحُدٍ: (أَمَا وَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي غُوْدِرْتُ مَعَ أَصْحَابِ فَحْصِ الجَبَلِ). يَقُوْلُ: قُتِلْتُ مَعَهُم.
وفى فتنة مسيلمة الكذاب
يقول وحشى
فَكُنْتُ أَتَنَكَّبُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَيْثُ كَانَ، حَتَّى قُبِضَ. فَلَمَّا خَرَجَ المُسْلِمُوْنَ إِلَى مُسَيْلِمَةَ، خَرَجتُ مَعَهُم بِحَرْبَتِي الَّتِي قَتَلْتُ بِهَا حَمْزَةَ، فَلَمَّا الْتَقَى النَّاسُ، نَظَرْتُ إِلَى مُسَيْلِمَةَ وَفِي يَدِهِ السَّيْفُ، فَوَاللهِ مَا أَعْرِفُهُ، وَإِذَا رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُرِيْدهُ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى، فَكِلاَنَا يَتَهَيَّأُ لَهُ. حَتَّى إِذَا أَمْكَنَنِي، دَفَعْتُ عَلَيْهِ حَرْبَتِي، فَوَقَعَتْ فِيْهِ، وَشَدَّ الأَنْصَارِيُّ عَلَيْهِ، فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ، فَرَبُّكَ أَعْلَمُ أَيُّنَا قَتَلَهُ. فَإِنْ أَنَا قَتَلْتُهُ، فَقَدْ قَتَلْتُ خَيْرَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَتَلْتُ شَرَّ النَّاسِ. وَبِهِ: عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلاً يَقُوْلُ: قَتَلَهُ العَبْدُ الأَسْوَدُ، -يَعْنِي: مُسَيْلِمَةَ-.
| |
|
| |
| سلسلة سير أعلام النبلاء | |
|