منتدى ابن مصر ــــــــــــــــــــــــــــ ebn masr site
اهلا وسهلا ومرحبا بك زائرنا الكريم
نتمنى لك دوام الصحه والعافيه
ونتمنى منك المشاركه معنا في منتدى ابن مصر بالتسجيل واضافة المواضيع وان تكون من انشط الاعضاء لدينا
بالتوفيق لنا ولك

ادارة المنتدى
محمد حامد البستاوي
منتدى ابن مصر ــــــــــــــــــــــــــــ ebn masr site
اهلا وسهلا ومرحبا بك زائرنا الكريم
نتمنى لك دوام الصحه والعافيه
ونتمنى منك المشاركه معنا في منتدى ابن مصر بالتسجيل واضافة المواضيع وان تكون من انشط الاعضاء لدينا
بالتوفيق لنا ولك

ادارة المنتدى
محمد حامد البستاوي
منتدى ابن مصر ــــــــــــــــــــــــــــ ebn masr site
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
لا اله الا الله ..... محمد رسول الله
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
عدد الزيارات

.: عدد زوار المنتدى :.

المواضيع الأخيرة
» دبلومة المساحة المعتمدة من الخارجية المصرية
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Emptyالأحد ديسمبر 11, 2016 7:34 am من طرف اكاديمية المساحة والتدريب

» دبلومة المساحة المعتمدة من الخارجية المصرية
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Emptyالسبت ديسمبر 10, 2016 9:09 am من طرف اكاديمية المساحة والتدريب

» دبلومة المساحة المعتمدة من الخارجية المصرية
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Emptyالسبت ديسمبر 10, 2016 9:07 am من طرف اكاديمية المساحة والتدريب

» دبلومة المساحة المعتمدة من الخارجية المصرية
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Emptyالسبت ديسمبر 10, 2016 9:01 am من طرف اكاديمية المساحة والتدريب

»  دبلومة المساحة المعتمدة من الخارجية المصرية
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Emptyالسبت ديسمبر 10, 2016 8:59 am من طرف اكاديمية المساحة والتدريب

» دبلومة المساحة المعتمدة من الخارجية المصرية
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Emptyالسبت ديسمبر 10, 2016 8:58 am من طرف اكاديمية المساحة والتدريب

» الوطنية للتوريدات الهندسية وتشغيل المعادن WESCO
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Emptyالإثنين ديسمبر 05, 2016 10:55 pm من طرف محمد حامد البستاوي

» الإسكان:11600 مواطن دفعوا مقدمات حجز وحدات الإسكان الاجتماعي
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Emptyالأربعاء مايو 04, 2016 1:09 pm من طرف محمد حامد البستاوي

» بدء دفع مقدمات حجز الـ٥٠٠ ألف وحدة سكنية بمكاتب البريد على مستوى الجمهورية
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Emptyالثلاثاء مايو 03, 2016 12:08 pm من طرف محمد حامد البستاوي

أفضل 10 فاتحي مواضيع
Ù…/عمرو البستاÙ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Vote_rcapسلسلة حفظ أحاديث البخارى Voting_barسلسلة حفظ أحاديث البخارى Vote_lcap 
محمد حامد البستاوي
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Vote_rcapسلسلة حفظ أحاديث البخارى Voting_barسلسلة حفظ أحاديث البخارى Vote_lcap 
sheko
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Vote_rcapسلسلة حفظ أحاديث البخارى Voting_barسلسلة حفظ أحاديث البخارى Vote_lcap 
زوزوالاسكندرانيه
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Vote_rcapسلسلة حفظ أحاديث البخارى Voting_barسلسلة حفظ أحاديث البخارى Vote_lcap 
عرباوي
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Vote_rcapسلسلة حفظ أحاديث البخارى Voting_barسلسلة حفظ أحاديث البخارى Vote_lcap 
alaa elbestawy
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Vote_rcapسلسلة حفظ أحاديث البخارى Voting_barسلسلة حفظ أحاديث البخارى Vote_lcap 
midobestawy
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Vote_rcapسلسلة حفظ أحاديث البخارى Voting_barسلسلة حفظ أحاديث البخارى Vote_lcap 
mahmodsamir
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Vote_rcapسلسلة حفظ أحاديث البخارى Voting_barسلسلة حفظ أحاديث البخارى Vote_lcap 
خالد قاسم
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Vote_rcapسلسلة حفظ أحاديث البخارى Voting_barسلسلة حفظ أحاديث البخارى Vote_lcap 
target center
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Vote_rcapسلسلة حفظ أحاديث البخارى Voting_barسلسلة حفظ أحاديث البخارى Vote_lcap 
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
الساعه
أبريل 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
 123456
78910111213
14151617181920
21222324252627
282930    
اليوميةاليومية

 

 سلسلة حفظ أحاديث البخارى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
alaa elbestawy
مشرف قسم بالمنتدى
مشرف قسم بالمنتدى



عدد المساهمات : 62
نقاط : 24200
مظهر الاعضاء : 0
تاريخ التسجيل : 15/02/2011

سلسلة حفظ أحاديث البخارى Empty
مُساهمةموضوع: سلسلة حفظ أحاديث البخارى   سلسلة حفظ أحاديث البخارى Emptyالجمعة فبراير 25, 2011 5:11 pm

السلام عليكم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
وبعد فهذه السلسلة نقدم فيها فى كل حلقة 3 أحاديث أو ما تيسر ان كانت الاحاديث طويلة من كتاب صحيح البخارى امام الائمة وجبل الحفظ مع شرح يسير لكل حديث بهدف حفظ السنة النبوية
اسال الله ان يجعل ذلك فى ميزان حسناتنا


عدل سابقا من قبل alaa elbestawy في الأربعاء مارس 02, 2011 11:13 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
alaa elbestawy
مشرف قسم بالمنتدى
مشرف قسم بالمنتدى



عدد المساهمات : 62
نقاط : 24200
مظهر الاعضاء : 0
تاريخ التسجيل : 15/02/2011

سلسلة حفظ أحاديث البخارى Empty
مُساهمةموضوع: رد: سلسلة حفظ أحاديث البخارى   سلسلة حفظ أحاديث البخارى Emptyالأحد فبراير 27, 2011 7:14 am

السلام عليكم
الحلقة الاولى

كتاب بدء الوحى

الحديث الاول
1-عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرىء ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو إلى امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه).
شرح الحديث
يقول العلماء أن هذا الحديث نصف الدين
فالدين نصفان
نصف يتعلق بالقلوب ومنه هذا الحديث
نصف يتعلق بالظاهر ومنه الصلاة والزكاة والصيام وغيرها
لكن ما فى القلب هو الأساس ، لو صلى وهو لم ينوى الصلاة أو صام ما نوى الصيام أو زكى ما نوى الزكاة أو حج ولا نوى
الحج فعل أعماله من غير نية وغير ذلك ، لا تصير عبادة.
" إنما الأعمال بالنيات " يعني صحة وفساداً وقبولاً ورداً ، وعظم الثواب وقلة الثواب حسب ما في
القلوب من الإخلاص لله والصدق والرغبة لما عند الله وما يترتب على ذلك .

" وإنما لكل امرئ ما نوى " ليس له إلا ما نوى ، فمن نوى بعبادته وجه الله فله ما نوى وإن نوى رياء
الناس فله ما نوى ، وهذا يوجب الإخلاص فى الأعمال وأن المؤمن يلاحظ قلبه فى كل أعماله إذا
صلى إذا صام إذا اتبع الجنازة إذا عاد مريض إذا باع واشترى إلى غير ذلك ، يكون له نية صالحة فى تصرفاته وأعماله يريد وجه الله والدار الآخرة يريد ما احل الله وترك ما حرم الله وهكذا ، فيتبع الجنازة يريد الأجر لا رياء ولا سمعه ، يصلى يريد وجه الله ، يصوم يريد وجه الله ، يؤدى
الزكاة يريد وجه الله ، إلى غير ذلك .
شرط العمل أمران :
- أن يكون لله . - وأن يكون موافقاً للشرع مخلصا لله تعالى .
فالذي لله داخل فى قوله " شهادة أن لا إله إلا الله " ، والذي موافق للشرع داخل فى " شهادة أن محمداً رسول الله " فلابد أن يكون العمل موافقاً للا إله إلا الله وموافقاً لشهادة أن محمداً رسول الله ، يكون فيه الإخلاص ويكون فيه الموافقة للشرع ، هذه داخله فى جميع أنواع العبادة ، جميع التعبدات ، ولاتكون الأعمال صالحه ولا زاكية ولا مقبولة إلا بالشرطين ،أن تكون لله وأن تكون موافقة للشريعة .

ثم ضرب مثالا فقال : " فمن كانت هجرته لله ولرسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته
إلى دنيا يصيبهاً أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " هذا مثال .
الناس يهاجرون إلى بلاد التوحيد مثل ما كان فى عهد النبي إلى المدينة ، فمن كانت هجرته من أجل الله فاراً بدينه من الشرك والكفار فهذا
هجرته صحيحة إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها انتقل من بريطانيا أو من أمريكا ...
أو كذا إلى بلاد الإسلام الأخرى لدنيا لأجل الدنيا مهوب لأجل سلامة دينه لأجل الدين أو ليتزوج امرأة
فى البلد التي انتقل إليها أو لمقاصد أخرى
الهجرة أن ينتقل من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام بنية صالحه بنية الفرار بدينه كما قال النبى فى حديثه
(المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه )

الحديث الثانى
2- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده علي، فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا، فيكلمني فأعي ما يقول).
قالت عائشة رضي الله عنها: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا.
(شرح الحديث)
الوحي في اللغة: حركة سريعة خفيفة. ثم يراد به هاهنا الذي ينزله الله تعالى على أنبيائه بواسطة الملائكة، فيكلم الله تعالى الملك ويأمره بأن ينزل على الرسول البشري بما يأمره به من الأحكام والأوامر والنواهي؛ ولهذا يسمى القرآن وحيًا كما في قوله تعالى: إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى وفي قوله تعالى: كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ؛ يعني ينزل عليك هذا القرآن وهذا الكلام بواسطة الملك.
ففي هذا الحديث أن الحارث بن هشام وهو أخو أبي جهل لما أسلم سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن كيفية إتيان الوحي إليه، وكيف نزول الملك إليه؟ فأخبره بحالتين: الحالة الأولى أشدها عليه، يقول: أحيانًا يأتيني مثل صلصلة الجرس فيفصم عني وقد وعيت ما قال، وأحيانًا يتمثل لي الملك رجلًا فيكلمني فأعي ما يقول هكذا الحالة الأولى؛ أن ينزل عليه الملك ويكلمه ولكن يغمى عليه، أو شبه أنه يكون عند نزوله شبه المغمى عليه من شدة وقع الوحي ونزوله، فيكون وقعه وصوته صوتًا شديدا كصوت صلصلة الجرس الشديد، بعض الأجراس يكون صوته شديدًا بحيث إن الذي يسمعه يكاد أن يسد أذنيه من شدة صلصلته، فهذه الحالة الأولى.
والحالة الثانية أسهل؛ بأن يتمثل له الملك رجلًا ويكلمه ويعي ما يقول، وذكروا كثيرًا أنه يتمثل في صورة رجل يقال له دحية بن خليفة الكلبي كثيرًا ما يأتي إليه الملك بصورته، يعتقد الناس أن هذا هو ابن خليفة .
وكذلك قد يأتيه في صورة رجل أجنبي، تذكرون حديث جبريل عليه السلام جاءه في صورة رجل أجنبي لا يُرَى عليه أثر السفر، ليس من أهل البلاد البعيدة فيرون عليه أثر السفر، ولا من أهل المدينة فيعرفونه شخصيًا مما يدل على أنه ليس من البشر، لو كان من أهل البلاد الأخرى رأوا عليه آثار السفر، ولو كان من أهل المدينة عرفه بعضهم. هذا حالة من الحالات.
ذكرت عائشة بعد ذلك أن الوحي ينزل عليه في اليوم الشاتي شديد البرد مع شدة البرد ينزل عليه ( فينفصم ) يفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا؛ يتصبب عرقًا، وذلك من شدة نزول الوحي عليه حتى في الشتاء في شدة البرد، إذا نزل عليه الملك كأنه من شدة كلام الملك عليه يلاقي هذه الشدة، وإن جبينه جبهته ليتصبب عرقا، فهذه من صفة الوحي.

الحديث الثالث
3-، عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ، قال: (ما أنا بقارىء). قال: (فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت ما أنا بقارىء، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارىء، فأخذني فغطني الثالثة، ثم أرسلني فقال: {اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم}). فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال: (زملوني زملوني). فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: (لقد خشيت على نفسي). فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.
فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، ابن عم خديجة، وكان امرءا تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي، فقالت له خديجة: يا بن عم، اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: يا بن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقاله له ورقة: هذا الناموس الذي نزل الله به على موسى، يا ليتني فيها جذع، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أومخرجي هم). قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا. ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي.
(شرح الحديث)
قال العلماء: وإنما ابتدأ الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم بالرؤيا لأنه لو لم يبتدئه بالرؤيا وفجأه الملَك وأتاه بغتة لم يطق ذلك.
فَلَقِ الصُّبْحِ أي ضياء الصبح.

قوله: ((حتى بلغ مني الجهد)
قال الخطابي:
فعل ذلك به ليبلوا صبره، ويحسن تأديبه

(لقد خشيت على نفسي))، وذلك لأنه شاهد أمراً لم يعهده قبل ذلك، كان ولهذا قالت خديجة: كلا؛ أبشر والله؛ لا يخزيك الله أبداً.
لعلمها بما أجرى الله به جميل العوائد في خلقه؛ أن من كان متصفاً بصفات الخير لا يخزى في الدنيا ولا في الآخرة.
ثم ذكرت له من صفاته الجليلة ما كان من سجاياه الحسنة. فقالت: ((إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث)

((وتحمل الكل؛ أي: عن غيرك، تعطي صاحب العيلة ما يريحه من ثقل مؤونة عياله.
وتكسب المعدوم ؛ أي: تسبق إلى فعل الخير، فتبادر إلى إعطاء الفقير
وتقري الضيف؛ أي: تكرمه في تقديم قراه، وإحسان مأواه
وتعين على نوائب الحق؛ أي: إذا وقعت نائبة لأحد في خير أعنت فيها، وقمت مع صاحبها حتى يجد سداداً من عيش، أو قواماً من عيش
وقول ورقة: ((يا ليتني فيها جذَعاً))؛ أي: يا ليتني أكون اليوم شاباً متمكناً من الإيمان والعلم النافع والعمل الصالح.
(نصراً مؤزراً)؛ أي: أنصرك نصراً عزيزاً أبداً.
وقوله: ((ثم لم ينشب ورقة أن توفي))؛ أي: توفي بعد هذه القصة بقليل، رحمه الله ورضي عنه، فإن مثل هذا الذي صدر عنه تصديق بما وُجد ، وإيمان بما حصل من الوحي، ونية صالحة للمستقبل.
ولذلك روى جابر بن عبد الله:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ورقة بن نوفل؟ فقال : قد رأيته؛ فرايت عليه ثياب بياض، أبصرته في بطنان الجنة وعليه السندس .




عدل سابقا من قبل alaa elbestawy في الأربعاء مارس 02, 2011 11:19 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
alaa elbestawy
مشرف قسم بالمنتدى
مشرف قسم بالمنتدى



عدد المساهمات : 62
نقاط : 24200
مظهر الاعضاء : 0
تاريخ التسجيل : 15/02/2011

سلسلة حفظ أحاديث البخارى Empty
مُساهمةموضوع: رد: سلسلة حفظ أحاديث البخارى   سلسلة حفظ أحاديث البخارى Emptyالأربعاء مارس 02, 2011 10:10 am

الحديث الرابع من كتاب الوحى للبخارى



الحديث
الرابع





عن
جابر بن عبد الله الأنصاري قال النبى صلى الله عليه وسلم، وهو يحدث عن فترة الوحي،
فقال في حديثه: (بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء، فرفعت بصري، فإذا الملك
الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، فرعبت منه، فرجعت فقلت: زملوني
زملوني، فأنزل الله تعالى: {يا أيها المدثر. قم فأنذر - إلى قوله - والرجز فاهجر}
فحمي الوحي وتتابع).




شرح
الحديث




يقول
نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحدثهم عن فترة الوحي ، ذكر أنه توقف
الوحي مدة سنة أو سنتين أو نحوها، فأهَمَّهُ صلى الله عليه وسلم وحزن لهذا
التوقف، فكان يذهب هائمًا، ومن شدة شوقه إلى نزول الوحي يكاد أن يتردى من
رأس الجبل، حتى إذا هم بذلك بدا له الملك وقال: يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل فيهدأ.

يقول مرة فرفعت رأسي
فإذا هو ذلك الملك الذي هو جبريل عليه السلام جالس على كرسي بين
السماء والأرض، جالس في الهواء على كرسي، فلما رآه رعب منه؛ يعني ارتجف
فؤاده وفزع فزعًا شديدًا، ورجع إلى خديجة للمرة الثانية وقال: زملوني. من
شدة الرعب والفزع والخوف، فزملوه؛ يعني غطوه بغطاء غليظ، فعند ذلك جاءه
الملك وأنزل عليه أول سورة المدثر، وقيل: أول سورة المزمل، والصحيح أنه أنزل
عليه أول سورة المدثر: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001يَا أَيُّهَا
الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ
وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ
وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ
وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002هذه أول ما نزل عليه بعد فترة الوحي وبعد سورة اقرأ.
لما أنزلت عليه امتثل
ما أمر به، سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001قُمْ فَأَنْذِرْ سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002أي: انتبه من مكانك وقم وأنذر الناس، أنذرهم يعني حذرهم عن الشرك وخوفهم عن
الكفر، فإن الله تعالى بعثك بشيرًا نذيرا.
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001قُمْ فَأَنْذِرْ
وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002أي: عظم ربك وكبره، كبره بعبادته، وكبره بتوحيده، واعتقد أنه الكبير الذي لا
أكبر منه، الكبير المتعال، وعظمه بصرف جميع عبادتك له وحده.
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002قيل إن المراد الكسوة؛ أي طهرها عن النجاسات، وقيل إن المراد الأعمال؛ طهر أعمالك
عن الشرك، الأعمال التي تعملها وتتقرب بها إلى الله إذا كانت خالصة فإنها
طاهرة، فإن الشرك والبدع ونحوها تنجسها وتفسدها وتقذرها، فطهر أعمالك
عن الشرك.
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ
وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002قرأها بعضهم: ( والرِّجز فاهجر ) الرجز والرجس هي الأصنام، وهجرها تركها وأهلها،
والبراءة منها ومن أهلها، سماها الله تعالى رجزًا في قوله تعالى:
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ
رِجْزَ الشَّيْطَانِ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002يعني دعوته إلى الشرك، وسماها رجسًا في قوله تعالى: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ
الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002فأمره في هذه الآية بأن يهجرها؛ يبغضها ويمقتها ويمقت أهلها.
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ
وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002أي: لا تمل من الاستكثار من العبادة؛ بل عليك أن تكثر من العبادة والطاعة
التي أمرت بها وأرسلت إليها، تستكثر منها مهما استطعت.
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002أي: اصبر على ما يصيبك من الأذى؛ كأنه أشار إلى أنك سوف تُكذَّب، وسوف تؤذَى،
وسوف ينالك كلام سيئ وسخرية وتكذيب، فعليك أن تتحمل كما قال في آية أخرى:
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ
أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002امتثل ذلك كله وصبر حتى نصره الله تعالى وأظهره.
بعد نزول هذه الآيات
حمي الوحي وتواتر وتتابع واستمر، وعرف أنه مرسل من الله تعالى، وأن ما ينزل عليه
فإنه الوحي من الله تعالى.
كُمِّلت السورتان
سورة العلق كملها الله تعالى بقوله: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ
لَيَطْغَى
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002إلى آخره، وكان لما أنه جهر بالدعوة عاداه وأظهر العداوة له رءوس المشركين،
وكان من أشهرهم أبو جهل بن هشام الذي
اشتهر بالأذى، فقيل: إن هذه الآية إشارة إليه، سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001إِنَّ الْإِنْسَانَ
لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002وأنه كان يمنع النبي صلى الله عليه وسلم من أن يصلي في الحرم، فأنزل الله
فيه: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001كَلَّا لَا تُطِعْهُ
وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002أي لا تطعه في نهيك، واسجد يعني صل، واقترب افعل الصلاة التي هي قربة،
والسجود الذي هو طاعة.
وكذلك في سورة المدثر
فيها إشارة إلى الوليد بن المغيرة الذي
وصف في هذه الآية في قوله: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ
وَحِيدًا
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002وهو الوليد خلقه الله وأخرجه وحيدًا، سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001وَمَهَّدْتُ لَهُ
تَمْهِيدًا
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002وأمده الله تعالى بقوله: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001وَبَنِينَ شُهُودًا سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002يعني وهب له أولادًا غالبًا يكونون شهودًا عنده، سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ
أَزِيدَ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002هذه في قصة الوليد إلى قوله: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ
فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002إلى قوله: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001سَأُصْلِيهِ سَقَرَ سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002فنزلت هذه الآيات من جملة ما تتابع به الوحي.


عدل سابقا من قبل alaa elbestawy في الأربعاء مارس 02, 2011 11:59 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
alaa elbestawy
مشرف قسم بالمنتدى
مشرف قسم بالمنتدى



عدد المساهمات : 62
نقاط : 24200
مظهر الاعضاء : 0
تاريخ التسجيل : 15/02/2011

سلسلة حفظ أحاديث البخارى Empty
مُساهمةموضوع: رد: سلسلة حفظ أحاديث البخارى   سلسلة حفظ أحاديث البخارى Emptyالأربعاء مارس 02, 2011 10:31 am




الحديث
الخامس





عن
ابن عباس، في قوله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به}.


قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة، وكان مما يحرك شفتيه -
فقال ابن عباس: فأنا أحركهما لكم كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركهما،
وقال سعيد: أنا أحركهما كما رأيت ابن عباس يحركهما، فحرك شفتيه - فأنزل الله
تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به. إن علينا جمعه وقرآنه}. قال: جمعه له في صدرك
وتقرأه: {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}. قال: فاستمع له وأنصت: {ثم إن علينا بيانه}.
ثم إن علينا أن تقرأه، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا أتاه جبريل
استمع، فإذا انطلق جبريل قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما قرأه.

هذا أيضًا يتعلق بصفة
نزول الوحي، أنه كان في أول الأمر إذا جاءه الملك
وأخذ يكلمه بالوحي صار
يتابعه، ويحرك شفتيه يعني بالكلمات التي يسمعها،
فيلقى من ذلك شدة،
حيث إن قلبه ينصت للسماع، ينصت للقراءة، وكذلك أذنه يستمع بها،
وكذلك شفتاه ولسانه
يحركه ويتكلم به، ففي ذلك شيء من الصعوبة
عليه، حركة القلب
وحركة اللسان وسمع الأذن، مع ما في سمعه من الثقل، مع ما في نزوله كما تقدم أنه يفصم عنه وإن جبينه ليتفصد
عرقا، وأنه يأتيه مثل صلصلة الجرس، فكل ذلك مما يشق عليه

فعند
فعند ذلك أمره الله
تعالى بألا يكلف نفسه ولا يستعجل، وأنزل عليه قوله تعالى
: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ
قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002يعني لا تستعجل
بقراءته قبل أن يقضى وحيه؛ يعني قبل أن ينزله الملك وقبل أن يلقيه في سمعك وقلبك، فلا تكلف
نفسك بحركة لسانك وحركة شفتيك
وصف ابن عباس حركة شفتيه، ووصف ذلك أيضًا سعيد بن جبير حركة شفتيه، فكان ذلك تمثيلًا
لما كان يفعله؛ يعني حركة شفتيه مع لسانه مع ثقل نزول الوحي مع انشغال القلب مع انشغال السمع
مما يكلفه، فعند ذلك أنزل الله هذه الآيات في سورة القيامة في قوله تعالى: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001لَا تُحَرِّكْ بِهِ
لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002يعني استعجالًا
لنزوله واستعجالًا لقراءته؛ بل عليك أن تنصت إذا نزل عليك، وإذا أنصت فإنه سيقر في
قلبك، سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001لَا تُحَرِّكْ بِهِ
لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002علينا أن نجمعه في
قلبك، وأن نقرأه عليك وأنت تستمع؛ فيثبت في قلبك جمعه وقرآنه، سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001فَإِذَا قَرَأْنَاهُ سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002أي: قرأه الملك قراءة
كاملة سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002يعني اتبعه فيما قرأه
عليك، واتبع قراءته التي أنزلها والتي سمعتها، سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا
بَيَانَهُ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002أي: بعد ذلك نبين
معانيه لك إذا كان في بيانها شيء يحتاج إلى إيضاح، إذا كان فيها خفاء في بعض الكلمات،
ضمن الله تعالى له أنه يثبت في قلبه، جمعه في قلبك وقرآنه عليك قراءته، وضمن الله تعالى أنك
إذا قرأته بعد ذلك تقرأه كما أنزل دون أن يتغير منه شيء أو تترك منه شيئا، وضمن بعد ذلك بيانه يعني إيضاح معانيه ونحو ذلك.
ذكرنا أن مثل هذه الآية آية في سورة طه: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ
الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ
قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002أي: لا تستعجل بنزول
القرآن تقرأه قبل أن يتم إنزاله عليك، وقبل أن ينتهي الملك من قراءته عليك؛ بل انتظر
واستمع لقراءة الملك إلى أن يقرأ عليك ما أُمِر بقراءته من الآيات، ثم بعد ذلك اقرأه كما
قرأه الملك، فإنك لا تخطئ فيه ولا تزيد ولا تنقص؛ ضمن الله تعالى له أنه يثبت له هذا القرآن ويستقر، وأنه لا يزيد فيه ولا ينقص
منه، هذا ما تكفل الله تعالى له به، وضمن أيضًا بيانه.
كان بعد ذلك إذا جاءه الملك أنصت ولم يحرك شفتيه ولا
لسانه، استمع، فيتكلم الملك وهو يستمع فيقر ذلك الوحي وتلك الآيات في قلبه، فإذا انفصل عنه الوحي وذهب عنه
الملك قرأه كما أُنزل دون إضافة أو تغيير أو زيادة أو نقصان، سواء كانت الآيات التي نزلت واحدة
أو عدد آيات أو سورًا كثيرة، حتى ذكروا أن سورة الأنعام نزلت دفعة واحدة؛ نزلت جملة واحدة، وغيرها من السور التي نزلت،
قد ينزل مثلًا خمس صفحات أو أكثر أو أقل في لحظة واحدة فيحفظها وتثبت في قلبه ويقرؤها ثم
يُقْرِئُها من حوله ممن أسلم معه بمكة وهكذا أيضًا في المدينة فلم يزل كذلك إلى أن تم إنزال هذا القرآن على هذه
الصفة، إنزال ما تقدم من الآيات المكية وما تأخر من الآيات المدنية.






















الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
alaa elbestawy
مشرف قسم بالمنتدى
مشرف قسم بالمنتدى



عدد المساهمات : 62
نقاط : 24200
مظهر الاعضاء : 0
تاريخ التسجيل : 15/02/2011

سلسلة حفظ أحاديث البخارى Empty
مُساهمةموضوع: رد: سلسلة حفظ أحاديث البخارى   سلسلة حفظ أحاديث البخارى Emptyالأربعاء مارس 02, 2011 11:08 am


الحديث
السادس


عن
ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في
رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول
الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة.








شرح
الحديث


كان
النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس، الجود هو كثرة العطاء وكثرة الصدقات
وكثرة الهبات ونحوها، كان جبله الله تعالى على الكرم وعلى الجود وعلى
السخاء، فكان يبذل كل ما أعطاه الله وكل ما وجده، ويبتعد عن صفة البخل وصفة
الشح الذي ذمه الله وأمره بالدعاء برده في قوله تعالى: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002الشح هو الإمساك مع الحرص، الشحيح هو الذي يمسك المال مع حرصه على جمعه وعلى
أخذه من هنا ومن هنا؛ فيجتمع حرصه على الجمع وشحه يعني إمساكه وقبضه وعدم
بذله، فكان بعيدًا عن هذه الصفة، وكذلك أيضًا كان كريمًا جوادًا.

وكان أجود ما يكون في
رمضان حين يلقاه جبريل وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في
رمضان فكان يدارسه القرآن، يقول: فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود
بالخير من الريح المرسلة. يعني التي لا يردها شيء، الريح المندفعة التي لا يقدر
على ردها أحد.
فأخذوا من هذا أن جبريل عليه
السلام كان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم في كل ليلة من ليالي رمضان،
وأنه يعارضه القرآن؛ يعرضه عليه ويقرؤه عليه حتى يثبته وحتى لا يتغير
منه شيء وحتى لا يزاد فيه ولا ينقص منه، يقول في آخر حياته قال صلى الله
عليه وسلم: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image003إن جبريل كان يعرض علي
أو يعارضني القرآن كل سنة مرة، وأنه في تلك السنة الأخيرة عرضه مرتين
-يعني عرضه عليه ليثبته- يقول: وما أراه إلا لقرب أجلي سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image004
هكذا أخبر بذلك ابنته.
في حديث عن عائشة قالت:
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image003جاءت فاطمة فقام النبي صلى
الله عليه وسلم لها، وقبلها، وأجلسها إلى جنبه، وأسر إليها حديثًا فبكت،
فلما رأى شدة بكائها أسر إليها حديثًا فضحكت، فقالت عائشة ما أقرب الضحك من البكاء. فسألتها فقالت: لا أفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم بعدما توفي النبي صلى الله عليه وسلم قالت لها عائشة
أسألك بحقي عليكِ لما أخبرتني ماذا قال لكِ؟
فقالت: أخبرني بأن
جبريل كان يدارسه أو
يعارضه القرآن كل سنة مرة، يقول: وإنه عارضني العام -أي هذا العام مرتين-
وما أراه إلا لقرب أجلي. تقول: فبكيت البكاء الذي رأيتِ. فلما رأى ما أصابني أسر إلي وقال: أما
ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة.
قالت: فضحكت سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image004
فمعارضته له عرضه عليه وقراءته عليه من أوله
إلى آخره حتى يثبت.


وكان
صلى الله عليه وسلم يقرئه أصحابه ويثبته ويكرره عليهم، ويحثهم على حفظه
أو حفظ ما تيسر منه، فمنهم من يحفظه كله، كما ذكر أنس أن هناك أربعة من الأنصار كلهم
حفظوا القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم؛ حفظوه كله، وذكر منهم زيد
بن ثابت الذي كان كاتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أيضًا من جملة
الذين يحفظونه عبد الله بن عباس فإنه
كان من حفظة القرآن ومن حملته، كذلك أيضًا كان من جملة حفظته سالم مولى أبي حذيفة، فهؤلاء كانوا
يحفظونه ويقرءونه، وكذلك أيضًا غيره، غير هؤلاء كثير ممن كانوا يهتمون
بقراءته ويحفظونه، يتلقونه من النبي صلى الله عليه وسلم ويحفظونه لما وهبوا من
الحفظ ومن الفهم.
ومع ذلك كان كثير منهم
يكتب الآيات التي لا يحفظها، فكانوا يكتبها بعضهم في لوح من خشب، وبعضهم
يكتب في كتف يعني كتف البعير ونحوه إذا لم يجدوا أوراقًا- وبعضهم يكتب
في حجارة ملساء، وغير ذلك مما يكتبون فيه، يكتبونه لأجل الحفظ، فإذا حفظوه
غسلوه وكتبوا غيره.


توفي
النبي صلى الله عليه وسلم والحفظة كثير، حفظة القرآن؛ حفظة هذا الوحي، في
السنة الأولى بعد موته يعني في سنة إحدى عشرة كانوا متوافرين؛ كثير، ثم إنهم
غزوا في سبيل الله تعالى، ولما غزوا ففي غزوة اليمامة التي قاتلوا فيها مسيلمة ومن
معه قتل خمسمائة كلهم من القراء، خمسمائة مما يدل على اهتمام الصحابة بالقرآن،
خمسمائة كلهم من حملة القرآن وحفظته، ولما رأى عمر رضي الله عنه أن القتل استحر
بالقراء خاف أن يضيع من القرآن شيء بموت حملته، فأشار على أبي بكر رضي الله عنه أن يكتب القرآن حتى
لا يفقد منه شيء، فلما أشار عليه كأنه قال: إن هذا شيء ما كتبه النبي صلى
الله عليه وسلم. يعني: ما أمر بكتابته متواليًا، ولكن طمأنه عمر وأشار
إليه حتى اطمأن لذلك وحتى وافق عليه.
ثم إنه استدعى كاتب
النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو زيد بن ثابت فقال له: إن هذا -يعني عمر
- أشار عليَّ أن أكتب
القرآن حتى لا يضيع منه شيء، وإنك شاب كنت تكتب للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فاكتب
القرآن. استثقله زيد وقال: لو حملوني نقل جبل لكان أخف
علي. ولكن التزم بذلك، وأحضروا له أوراقًا وصحائف، فكان يكتبه؛
يتتبعه وكان يحفظه، هو من جملة الحفظة ولكنه مع ذلك يتتبعه من القراء، ويتتبعه
من الذين عندهم أوراق مكتوب فيها أو ألواح أو حجارة أو نحو ذلك يكتبون
فيها، يقول: فكنت أتتبعه حتى كتبته كله. يعني كتبه بأمر أبي
بكر في صحف حتى لا يفقد منه شيء؛ مع أنهم يحفظونه، زيد يحفظه، وكذلك عمر وكذلك أبو بكر والخلفاء كلهم يحفظونه؛ لأن الله
تعالى وهبهم الحفظ، وأعطاهم ذكاء وقوة إدراك، فكلهم يحفظونه، ولكن خشية
أن يفقد منه شيء بموت حفظته كما مات أولئك الذين قتلوا في اليمامة والذين
هم خمسمائة من حملة القرآن فعند ذلك كتبه في تلك الصحائف.
فبقيت تلك الصحف عند أبي
بكر فيها القرآن كله، ثم لما مات أبو بكر كانت عند عمر عمر رضي الله عنه هو الخليفة بعد أبي
بكر فأخذها واحتفظ بها، ثم بعد موت عمر جعلها عند ابنته حفصة أم
المؤمنين لتحتفظ بها، فكانت عند حفصة .


ثم
في خلافة عثمان اختلف القراء؛ وذلك أن هناك قراء
في الشام وقراء في العراق فوقع بينهم اختلاف؛ ذلك لأن الحفظ قد يكون فيه
شيء من التَّغَيُّر، فلما اختلفوا؛ هؤلاء يخالفون هؤلاء
بقراءة حروف أو بقراءة كلمات أو نحو ذلك؛ فجاء حذيفة إلى عثمان وقال: أدرك هذه الأمة قبل
أن تختلف في كتابها. وذكر له أن بعضهم يخطئ بعضًا، هؤلاء يقرءون على حروف،
وهؤلاء على حروف، فأشار على عثمان أن يكتب القرآن في مصاحف، وأن يرسل
إليهم تلك المصاحف ليقتصروا عليها.
فعند ذلك التزم عثمان رضي
الله عنه، فأمر بالمصحف الذي عند حفصة أن يحضر، وأمر أن ينسخ في مصحف مثل
هذه المصاحف، في أوراق في كل ورقة صفحتان صفحة في الوجه الأول وصفحة
في الوجه الثاني، قالوا: إنه نسخ ستة مصاحف، وأرسلها إلى الناس ليقتصروا
عليها وينسخوا منها، أرسل إلى أهل العراق مصحفًا فصاروا يكتبون منه
ويقابلونه على مصاحفهم، وإلى الشام مصحفًا، وإلى مصر مصحفًا، وإلى مكة مصحفًا، ولأهل المدينة مصحفًا،
ولأهل اليمن مصحفًا، فاختص بواحد من تلك
المصاحف، فكان يقرأ فيه للتأكد؛ وإلا فإنه كان يحفظ القرآن، والخلفاء بعده كانوا
يحفظونه كله، والدليل على أنه يحفظه أنه كان يصلي الليل فيختم كل ليلة في
ركعة واحدة، يقول فيه -لما قتل- بعضُ الشعراء:



ضحوا
بأشمط عنـوان السجـود له

يُقَطِّـع
الليـل تـسبيحـا وقرآنـا




ذكر
بعض من نقل عنه يقول: راقبت عثمان ليلة في المسجد وإذا هو قائم، وإذا
هو في كل حين يسجد ثم يقوم، ثم يواصل القيام، ثم يسجد ثم يقوم، يقول:
فسألته فقال: إني أقرا القرآن في ركعة واحدة. يبدأ بعد صلاة العشاء ويختم
في آخر الليل، ولا يفصله إلا بسجود التلاوة، إذا انتهى منه ركع ثم رفع
ثم سجد ثم سلم، فيكون ورده ركعة واحدة يختم فيها القرآن كله، مما يدل على
أن الله سهل عليه القراءة.
فالحاصل أنه
لما نسخ هذه المصاحف استقر الأمر عليها، وصاروا يقتصرون على قراءته، أو
على القراءة التي في هذه المصاحف، ورسمها كالرسم الموجود في هذه المصاحف المطبوعة،
وهذا من حفظ الله تعالى للقرآن في قوله تعالى: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001إِنَّا
نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002فتكفل الله تعالى له بحفظه وضمن له ذلك، فحُفِظ القرآن والحمد لله، ولم تعبث
به الأيدي، ولم يتسلط عليه الأعداء، ولم يقدروا على تحريفه ولا زيادة فيه
ولا تغيير.


الشاهد
من الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يأتيه الملك في رمضان في كل ليلة
وكان يدارسه القرآن، وكان في كل ليلة يستمع له، يقرأ ثلث القرآن أو ربعه
أو عُشره أو نحو ذلك في كل ليلة، وهكذا في الليلة الأخرى، ثم اكتسب الجود
والكرم من إتيان الملك له كل ليلة، وكذلك من قراءته لهذا القرآن، فكان
أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، فاتصف بهذا الجود.


لجود
هو كثرة العطاء وكثرة الإنفاق وكثرة الصدقة، وهذه من صفته صلى الله عليه
وسلم أنه لا يُسْأل شيئًا إلا أعطاه، وأنه يعطي عطاء تعجز عنه ملوك الدنيا،
حتى قيل أنه أعطى رجلًا غنمًا بين جبلين؛ يعني غنمًا كثيرة، وذلك في
بعض الغزوات التي غنموا فيها أغنامًا كثيرًا، وأن ذلك الرجل ذهب إلى قومه
وقال: يا قوم أسلموا فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر.

ولما كان في قسمة غنائم حنين وقف
لهم وصار يعطي هذا وهذا، فمن كثرتهم اضطروه وهو على بعيره إلى أن مر تحت شجرة
فاختطفت الشجرة رداءه، فقال: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image003ردوا علي ردائي، لو كان لي مثل هذه العضاة نعمًا لفرقتها
بينكم، ثم لا تجدوني بخيلًا ولا جبانا سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image004
فدل على أنه كان لا يدخر لنفسه شيئا، كان يعيش
في أهله عيشة الفقراء؛ بحيث يمر عليه الشهر والشهران لا يوقد
في بيوته نار، وإنما يعيش هو وأهله على الأسودين التمر والماء، ومع ذلك
يعطي هذا العطاء الكثير.


ولما
انتشر الإسلام كان يرسل إلى البحرين وإلى قرى هجر الأحساء والقطيف والبحرين وتلك البلاد وكان أهلها مجوسًا،
وكانوا قد التزموا بأداء الجزية، فيرسل إليهم من يأتيه بجزيتهم، فجاء أبو
هريرة مرة ومعه تسعون ألف درهم، استغرب النبي صلى الله عليه وسلم هذا العدد، ولكن
يقول لما أنه أصبح أمر بأن يبسط ثوب وأن يصب ذلك المال عليه، وكل من جاءه
حفن له حفنات بغير عدد، وما قام من مجلسه حتى فرق ذلك المال كله، لم يدخر
لنفسه منه شيئًا، مما يدل على أنه مما جبله الله تعالى على الكرم والجود.


وهذا
الحديث أورده ابن رجب في لطائف المعارف وشرحه، واستدل به
على فضل الجود في شهر رمضان، وكثرة الإنفاق سيما في شهر رمضان الذي ينشغل
الناس فيه بالصيام عن التكسب فيحتاجون إلى الإنفاق عليهم والصدقة والصلة
والتوسعة عليهم، وأورد أدلة في ذلك، وذكر أن صفته صلى الله عليه وسلم
الكرم والجود، وأنه أكرم من غيره، وأورد أبياتًا في مدح رجل من العرب بالكرم
والجود يقال له معن بن زائدة يقول فيه بعض الشعراء:


يــقولون
معن لا زكاة لماله وكيف يزكي المال من هو باذله
تعود بسط الكف حتى لو
انه ثناها لقبض لم تجبه أناملـه

تـراه إذا ما جئته
متهـللا كأنك تعطيه الذي أنت سائله

هو البحر من أي
النواحي أتيته فلجته المعروف والجود ساحله

ولو لم يكن في كفه
غير روح لجاد بها فليتق الله سـائله





فيقول:
إن هذا الوصف لا ينطبق إلا على النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان الشعراء
يبالغون في وصف من يمدحونه من الأجواد رجاء أن يعطوا من ذلك المال، فالنبي
صلى الله عليه وسلم جبله الله تعالى على الكرم والجود.
في حديث أبي
ذر يقول: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image003كنت أسير مع النبي صلى الله عليه وسلم في آخر النهار، فقال يا أبا ذر
هل ترى أُحدًا ؟ قلت: نعم. يقول: التفت إلى الشمس وظننت
أنه يرسلني إليه. فقال: ما يسرني أن لي مثل أُحُد ذهبًا يأتي علي ثلاث ليال وعندي منه دينار واحد إلا دينارًا أرصده لدين؛
بل أقول به في عباد الله هكذا وهكذا سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image004
؛ يعني أفرقه
فيهم، هذا من جوده صلى الله عليه وسلم.
فالشاهد من هذا
الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يتلقى الوحي؛ يتلقاه، وأن الملك ملك الوحي كان يعرض
القرآن عليه، وكان يتجدد كل ما نزل قرآن جديد كان يثبته.

ذكروا أنه كلما نزلت آيات يقول: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image003ضعوا هذه الآيات في موضع كذا وكذا في السورة التي يذكر فيها
كذا وكذا سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image004
فيرتب
القرآن، فترتيب الآيات بالنص، وأما السور فذكروا أن ترتيبها بالاجتهاد؛ ولهذا قالوا: اختلفت
مصاحف الصحابة في ترتيب السور ، قدم بعضهم سورة النساء على سورة آل عمران، وقدم بعضهم سورة
الأعراف على سورة الأنعام، وبعضهم قدم سورة التوبة على سورة الأنفال؛ ولكن ترتيب السور أن السورة تبدأ بكذا وتختم بكذا هذا
منصوص عليه يعني: توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولأجل ذلك كان يقرأ القرآن في الصلاة
ويتابعونه، فكان في الصلاة ربما
قرأ خمس صفحات أو عشر صفحات في الصلاة الواحدة، مما يدل على أن
السور مرتبة على
وضعها هكذا، التي أولها مثلًا ( الر ) تفتتح بكذا بـ ( الر ) وتختم بما هو
مختومة به في هذه المصاحف، كل سورة فإن هذا ترتيبها.
فالصحابة لما كتبوا المصاحف أحبوا أن تتوالى السور ولو
كان بعضها أطول من
بعض إذا كان افتتاحها سواء، فجعلوا السور التي أولها ( الر )
متتابعة ولو كان
بعضها قصيرًا أقصر من السور التي بعده، فإن سورة الرعد وسورة إبراهيم وسورة الحجر مفتتحة بـ ( الر
) أو ( المر ) قدمت على سورة النحل وهي أطول منها، وكذلك سورة الإسراء وسورة الكهف هن أطول من
هذه السور؛ ولكن أرادوا بذلك أن تتوالى هذه السور.
وكذلك سور ( الم ) إلا أنهم قدموا البقرة وآل عمران
وذلك لطولها، فبقية ( الم ) أربع أخروها وجعلوها في مكان مناسب وجعلوها متوالية، العنكبوت
إلى السجدة، وكذلك سور ( طس ) أو ( طسم ) جعلوها متوالية، وسور آل ( حم ) جعلوها أيضًا متوالية؛ سبع
سور، فهذا اجتهاد منهم، وأما نفس السورة آياتها مثلًا آيات البقرة مائتان وست وثمانون كلها ترتيبها كان على العهد
النبوي، ترتيب الآيات.
وبكل حال نعرف أن الله سبحانه وتعالى حفظ هذا الوحي،
وأنه بينه للنبي صلى الله عليه وسلم لقوله: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا
بَيَانَهُ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002تكفل الله تعالى
ببيانه، والنبي صلى الله عليه وسلم أيضًا بينه لأصحابه امتثالًا لأمر الله حيث قال
له: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ
الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002وأخبر عبد الله بن
حبيب السلمي قال:
حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن -عد منهم علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وزيد بن ثابت - أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى
الله عليه وسلم عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها، قالوا: فتعلمنا
القرآن والعلم والعمل جميعًا. مما يدل على أن الله تعالى بين له سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا
بَيَانَهُ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002وأنه هو أيضًا بين
لأصحابه وفسر لهم ما أشكل عليهم، فأصبح القرآن والحمد لله محفوظا، وأصبح الوحي الذي هو
السنة أيضًا محفوظة في كتب أهل العلم، فلم يبق لأحد مطعن في هذه الشريعة والحمد لله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
alaa elbestawy
مشرف قسم بالمنتدى
مشرف قسم بالمنتدى



عدد المساهمات : 62
نقاط : 24200
مظهر الاعضاء : 0
تاريخ التسجيل : 15/02/2011

سلسلة حفظ أحاديث البخارى Empty
مُساهمةموضوع: رد: سلسلة حفظ أحاديث البخارى   سلسلة حفظ أحاديث البخارى Emptyالأربعاء مارس 02, 2011 12:47 pm

[size=24]الحديث السابع


عن
عبد الله بن عباس أخبره، أن أبا سفيان بن حرب أخبره: أن هرقل أرسل إليه في ركب من
قريش، وكانوا تجارا بالشأم، في المدة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ماد
فيها ابا سفيان وكفار قريش، فأتوه وهم بإيلياء، فدعاهم في مجلسه، وحوله عظماء
الروم، ثم دعاهم ودعا بترجمانه، فقال: أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه
نبي؟ فقال أبو سفيان: فقلت أنا أقربهم نسبا، فقال: أدنوه مني، وقربوا أصحابه
فاجعلوهم عند ظهره، ثم قال لترجمانه: قل لهم إني سائل عن هذا الرجل، فإن كذبني
فكذبوه، فوالله لولا الحياء من أن يأثروا علي كذبا لكذبت عنه. ثم كان أول ما سألني
عنه أن قال: كيف نسبه فيكم؟ قلت: هو فينا ذو نسب. قال: فهل قال هذا القول منكم أحد
قط قبله؟ قلت: لا. قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت: لا. قال: فأشراف الناس
يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ فقلت: بل ضعفاؤهم. قال: أيزيدون أم ينقصون؟ قلت: بل يزيدون.
قال: فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت: لا. قال: فهل كنتم
تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا. قال: فهل يغدر؟ قلت: لا، ونحن منه في
مدة لا ندري ما هو فاعل فيها. قال: ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه الكلمة.
قال: فهل قاتلتموه؟ قلت: نعم. قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قلت: الحرب بيننا وبينه
سجال، ينال منا وننال منه. قال: ماذا يأمركم؟ قلت: يقول: اعبدوا الله وحده ولا
تشركوا به شيئا، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة.
فقال للترجمان: قل له: سألتك عن نسبه فذكرت أنه فيكم ذو نسب، فكذلك الرسل تبعث في
نسب قومها. وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول، فذكرت أن لا، فقلت لو كان أحد قال
هذا القول قبله، لقلت رجل يأتسي بقول قيل قبله. وسألتك هل كان من آبائه من ملك،
فذكرت أن لا، قلت: فلو كان من آبائه من ملك، قلت رجل يطلب ملك أبيه. وسألتك هل
كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال، فذكرت أن لا، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر
الكذب على الناس ويكذب على الله. وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم، فذكرت أن
ضعفاؤهم اتبعوه، وهم أتباع الرسل، وسألتك أيزيدون أم ينقصون، فذكرت أنهم يزيدون،
وكذلك أمر الإيمان حتى يتم. وسألتك أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه، فذكرت
أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب. وسألتك هل يغدر، فذكرت أن لا،
وكذلك الرسل لا تغدر. وسألتك بما يأمركم، فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا
تشركوا به شيئا، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف، فإن
كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج، لم أكن أظن أنه
منكم، فلو أني أعلم أني أخلص إليه، لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه. ثم
دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى، فدفعه
إلى هرقل، فقرأه، فإذا فيه: (بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله إلى
هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم
تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين، و: {يا أهل الكتاب
تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ
بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون}) قال أبو
سفيان: فلما قال ما قال، وفرغ من قراءة الكتاب، كثر عنده الصخب وارتفعت الأصوات
وأخرجنا، فقلت لأصحابي حين أخرجنا: لقد أمر ابن أبي كبشة، إنه يخافه ملك بني
الأصفر. فما زلت موقنا أنه سيظهر حتى أدخل الله علي الإسلام.


وكان
ابن الناطور، صاحب إيلياء وهرقل، أسقفا على نصارى الشأم، يحدث أن هرقل حين قدم
إيلياء، أصبح يوما خبيث النفس، فقال بعض بطارقته: قد استنكرنا هيئتك، قال ابن
الناطور: وكان هرقل حزاء ينظر في النجوم، فقال لهم حين سألوه: إني رأيت الليلة حين
نظرت في النجوم ملك الختان قد ظهر، فمن يختتن من هذه الأمة؟ قالوا: ليس يختتن إلا اليهود،
فلا يهمنك شأنهم، واكتب إلى مداين ملكك، فيقتلوا من فيهم من اليهود، فبينما هم على
أمرهم، أتى هرقل برجل أرسل به ملك غسان يخبر عن خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فلما استخبره هرقل قال: أذهبوا فانظروا أمختتن هو أم لا؟ فنظروا إليه، فحدثوه أنه
مختتن، وسأله عن العرب، فقال: هم يختتنون، فقال هرقل: هذا ملك هذه الأمة قد ظهر.
ثم كتب هرقل إلى صاحب له برومية، وكان نظيره في العلم، وسار هرقل إلى حمص، فلم يرم
حمص حتى أتاه كتاب من صاحبه يوافق راي هرقل على خروج النبي صلى الله عليه وسلم،
وأنه نبي، فأذن هرقل لعظماء الروم في دسكرة له بحمص، ثم أمر بأبوابها فغلقت، ثم
اطلع فقال: يا معشر الروم، هل لكم في الفلاح والرشد، وأن يثبت ملككم فتبايعوا هذا
النبي؟ فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب، فوجدوها قد غلقت، فلما رأى هرقل
نفرتهم، وأيس من الإيمان، قال: ردوهم علي، وقال: إني قلت مقالتي آنفا أختبر بها
شدتكم على دينكم، فقد رأيت، فسجدوا له ورضوا عنه، فكان ذلك آخر شأن هرقل.





شرح
الحديث


ثم
في سنة ست، السنة التي بعد الأحزاب حصل الصلح بين النبي صلى الله عليه وسلم، وبين
قريش ويُسَمَّى صلح الحديبية على وضع الحرب عشر سنين؛ يعني
لانتظار ما يحصل، فلما حصل هذا الصلح بينهم وبين المسلمين في تلك المدة كتب
النبي صلى الله عليه وسلم إلى رؤساء المشركين، ورؤساء النصارى،
والْفُرْس يدعوهم إلى الإسلام .
أرسل كتابًا إلى كِسْرَى الذي
هو رئيس الفرس، ولكن كسرى مَزَّق الكتاب لما قرأه، دعا عليه
النبي صلى الله عليه وسلم أن يُمَزِّقَهُ الله كل مُمَزَّق،
استُجِيبَتْ دعوته، فلم يَبْقَ له ملك! وفتح المسلمون العراق ثم فتحوا خراسان ثم تابعوا كسرى الذي يُسَمَّى في ذلك الوقت يزدجرد إلى
أن استأصل ملكه، ولم يبق له ملك، مع أنه كان يملك نصف الدنيا: يملك العراق ويملك خراسان ويملك البحرين ونحوها،
ويملك الساحل كله الشرقي، ويملك الهند والسِّنْد وتلك البلاد فلم يَبْقَ له مُلْكٌ.

وأمَّا قيصر الذي
هو ملك الروم، فإنه أيضًا يملك نصف الأرض، يملك الشام بأكمله الذي هو فلسطين وسوريا ولبنان وتركيا ومصر وإفريقيا كلها والحبشة واليمن وتلك
البلاد، فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم خطابًا، وكان يدين بالنصرانية،
والنصارى أقرب إلى الخير، وإلى الإسلام من الفرس، وقد كان بينهم قتال بين الفرس والروم، وفي
ذلك نزل قول الله تعالى: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001الم غُلِبَتِ الرُّومُ
فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ
غَلَبِهِمْ
سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ
قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ
وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ
اللَّهِ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002يفرح المؤمنون بانتصار الروم على الْفُرْس، ويفرح المشركون بانتصار الفرس؛ وذلك
لأن الْفُرْسَ وثنيون، والروم كِتَابِيُّون، فهم أقرب إلى الإسلام، وأقرب
إلى الْكِتَاب.


والحاصل
أنه صلى الله عليه وسلم لما كتب هذا الكتاب إلى ملك الروم، فملك الروم
احترم الكتاب.. ما مزقه كما فعل ملك الفرس، بل احترمه، ثم أراد أن يسأل:
هل هناك أحد يعرف هذا الرجل الذي أرسل إلينا هذا الكتاب؟ والذي يدعي أنه
نبي، فصادف في تلك الأيام أبا سفيان ومعه قوم من قريش جاءوا إلى الشام إلى إيليا إيليا هي فلسطين وبيت
المقدس وما حوله كان اسمه قيصر الذي هو ملك الروم، فكان في إيليا ويسميها
اليهود أورشاليم فلما ذُكِرَ له أبو
سفيان ومن معه، وأنهم من قريش، ومن أهل مكة استحضرهم، واستدعاهم ليسألهم عن
أمر هذا النبي، أو هذا الذي يدعي أنه نبي.
في هذه القصة أنه لما
استحضرهم سألهم بواسطة الترجمان، كانت لغتهم عِبْرِيَّةً، ولكن عنده ترجمان يعرف العربية،
فسأله.. سأل القوم: أيكم أقرب نسبًا بهذا الرجل الذي يدعي أنه
نبي، كان أقربهم أبا سفيان يجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم
في عبد مناف لأن أبا سفيان اسمه صخر بن حرب بن أبي العاص بن أمية
بن عبد شمس بن عبد مناف النبي صلى الله عليه وسلم محمد
بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف .
فلما قال أبو
سفيان أنا؛ كان أقربهم، أجلسه قريبًا منه، وأجلس رفقته خلفه، وقال لهم بواسطة
الترجمان: إني سائل هذا الرجل، إني سائل أبا سفيان عن محمد الذي يدعي أنه نبي، فإن كذبني
فَكَذِّبُوه.
عرف أن أبا
سفيان كان مخالفًا لدين النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه يمكن أن
يكذب، ويجيب بجواب غير صحيح، أبو سفيان التزم الصدق، والحق ما شهدت به
الأعداء، وما حمله على الصدق إلا مخافة أن يكذبوه، أن يكذبه الذين هم رفقته،
وأن يقولوا كذب، والكذب عندهم عيب، ونقص، فالْتَزَمَ الصدق في هذه الأسئلة.

سأله قيصر عن
عشر مسائل كما سمعنا، وأجاب فيها بالصواب، وأخبره هرقل أخبره قيصر هرقل بأنها موافقةٌ لصفات الأنبياء.

المسألة الأولى: عن
نسبه؛ يعني هل نسبه، وأصوله، وأجداده من أهل الشرف، ومن أهل الشهرة؟ فقال: هو فينا ذو
نسب، اعترف بأنه من أهل الشرف، ومن أهل الرِّفْعَة في قومه، فإن جَدَّهُ عبد
المطلب كان أشرف قريش، وظهر فيهم، أما أبوه فإنه مات
صغيرًا في حياة جَدِّهِ، ولذلك كَفَلَهُ جَدُّهُ وعَمُّهُ، كذلك أيضًا
عَمُّهُ أبو طالب لما مات عبد المطلب شرف فيهم، وكان له رِفْعَةٌ ومكانة
في قريش وشهرة بينهم، كذلك لما مات أبو طالب شرف فيهم أيضًا العباس وكان
أيضًا ذا شهرة، وذا منزلة فيهم، كذلك أيضًا أجداده فإن هاشمًا جد أبيه كان أيضًا من أشراف قريش،
ويُسَمَّى أيضًا عمرًا ويقولون إنه سُمِّيَ هاشمًا لأنه
كان يَهْشِمُ الخبز والثريد لِلْحُجَّاج ونحوهم، فهو مشهور أيضًا، وذو شهرة، وذو
مكانة.
وهكذا أيضًا أجداده
الذين هم أجداد أبي سفيان عبد مناف ومن قبله فهو ذو شهرة ومكانة.

لما ذكر أنه ذو نسب
قال له هرقل: كذلك الأنبياء تُبْعَثُ في أنساب قومها؛ يعني اختار الله
تعالى من الأنبياء مَنْ يكون شريفًا في قومه، ومن يكون له مكانة ورفعة، ومنزلة
رفيعة. فهكذا بعث الله تعالى نوحًا في وسط قومه، وكذلك هود وصالح وشعيب وإبراهيم ولوط ونحوهم،
كل منهم كان من أشراف قومه، ومن أشهرهم، فكذلك نبينا صلى الله عليه
وسلم اختاره الله تعالى، وهو من أفضل قومه، ومن أشهرهم، ومن أشرفهم، ومن
أصدقهم، كانوا يسمونه الأمين، فله مكانة، وله منزلة في قَوْمِهِ كسائر الأنبياء.


لا
شك أن هذه الميزة تُكْسِبُهُ فضلًا، وإن كان صلى الله عليه وسلم قد أخبر بأن
الشرف هو التقوى، وأن شرف الدنيا وشهرتها وسمعتها لا تُقَرِّبُ عند الله،
وإنما الذي ينفع الإنسان عَمَلُهُ؛ لقول الله تعالى: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001يَا أَيُّهَا النَّاسُ
إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى
وَجَعَلْنَاكُمْ
شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ
عِنْدَ اللَّهِ
أَتْقَاكُمْ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002وكذلك كان صلى الله عليه وسلم ينهى عن الافتخار بالآباء الذين ماتوا، ويقول:
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image003ألا ينتهين أقوام عن فخرهم بآبائهم الذين ماتوا إنما هم فَحْمٌ
من فَحْمِ جَهَنَّمَ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image004
ويقول: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image003إن الفخر إنما هو مؤمن تقي، أو فاجر شقي، الناس كلهم بنو آدم، وآدم من تراب سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image004وهكذا كانوا. إنما يفخر الإنسان بأفعاله، لا
بأفعال آبائه وأسلافه فإنها لا تنفعه.
وبكل حال، فإن هذا
مما يَخْتَارُه الله تعالى أنْ يُبْعَثَ النبي من أشراف قومه، حتى يكون له مكانة، ولا
يستطيعوا أن يجحدوه، وأن يجحدوا فضله، وأن يزدروه ويحتقروه، ولهذا بعثه الله
ولو كان فقيرًا كما في قول الله تعالى: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002كان فقيرًا، وكان يتيمًا، ولكن مع ذلك اختاره الله تعالى وفَضَّلَهُ، وكذلك
ذكر الله قول المشركين: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا
الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002يقترحون أن يكون الذي أُنْزِلَ عليه القرآن من أشرف الناس، لا يكون هذا اليتيم
وهذا الفقير، ولكنَّ الله تعالى يَمُنُّ على مَنْ يشاء من عباده، كما
أخبر بذلك لما أن المشركين سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ
إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002يقولونه لرسلهم، فقال رسلهم: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001إِنْ نَحْنُ إِلَّا
بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002فهذا فضل الله، وهذه مِنَّتُهُ على العرب عندما بعث منهم هذا النبي.


السؤال
الثاني: سأله: هل كان من آبائه من ملك؟ يعني: هل أحد من آبائه وأجداده
قد كان مَلِكًا مُطَاعًا في العرب، مُلْكُهُ مشتهر ومنتشر، فاعترف أبو
سفيان وقال: لا، ليس له أب قد صار ملكا، يقول هرقل: لو كان من آبائه من ملك لَقُلْتُ:
رجل يطلب مُلْكَ أبيه.. وهذا حَقٌّ بمعنى أن الذي يسلب ملك أبيه أو
جَدِّهِ يحرص على أن يستعيد ويسترد ملك آبائه وأجداده كما هو الحاصل.

يعني: كانوا قديمًا
يأخذون الملك بالوراثة، يأخذونه بالوراثة، فمن
كان آباؤه ملوكًا كان يطالب بملك آبائه وأجداده، ولما لم يكن أحد من أجداد
النبي صلى الله عليه وسلم قد صار مَلِكًا للعرب في أول الأمر، لم
يكن هذا دافعًا له إلى أن يطلب الترأس، وإلى أن يطلب الملك، وإلى أن يطلب
الشرف، فليس هو مثل الملوك، ولا يريد ملك الملوك، بل إنه صلى الله عليه وسلم
كان يحب التواضع، ويحب تصغير نفسه، والتذلل لله تعالى.

ولهذا وصفه الله
تعالى بالعبودية، وصفه بها في أشرف الصفات، وفي أشرف الأماكن، فقال تعالى:
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001وَإِنْ كُنْتُمْ فِي
رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002وصفه بأنه عبد، ليس بملك، وكذلك في قوله: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001سبحان الذي أسرى بعبده سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002وقوله سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001الحمد لله الذي أنزل على عبده
الكتاب ولم يجعل له عوجا
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002وكذلك سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001تبارك الذي نزل الفرقان
على عبده
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002وغيرها من الآيات، وكان صلى الله عليه وسلم يحب التواضع ، في حديث عبد
الله بن الشِّخِّير سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image003قال: انطلقت في وفد بني عامر إلى النبي صلى الله عليه وسلم،
فقلنا له: أنت سيدنا، وابن سيدنا، فقال: السيد الله ! قلنا: وأفضلنا فضلا، وأعظمنا طولا، فقال: قولوا بقولكم، أو بعض قولكم! أنا محمد عبد الله ورسوله! ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image004
افتخر بأنه عبد، وتَمَيَّزَ بأنه رسول، فلا
ينزل نفسه منزلة الملوك.
وكذلك لما جاء مرة
ليجلس أرادوا أن يُصْلِحُوا له فراشا، فجلس على الأرض، وقال: إنما أنا عبد، آكل كما يأكل العبد،
وأجلس كما يجلس العبد من باب التواضع، وكذلك لما جاءه
أعرابي ليسلم، كأنه ارتعد ذلك الأعرابي، وظن أن النبي له مكانة، وله شهرة، فأجلسه
إلى جنبه وقال: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image003إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل الْقَدِيد سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image004يعني: اللحم الْمُيَبَّس، يعني: لستُ مَلِكًا..
لستُ من غير البشر، بل أنا بَشَرٌ، أنا بَشَرٌ مثلكم، فاختار الله تعالى له التواضع والعبودية،
ولم يَخْتَرْ له الملك.
في حديث الإسراء يقول:
إن الله خَيَّرَنِي
أن أكون مَلِكًا رسولًا، أو عَبْدًا رسولًا، يقول: فأشار إِلَيَّ جِبْرِيلُ بالتواضع،
فقلت: عبدًا رسولًا من باب التواضع؛ فإن مَنْ تواضع
لله رفعه ، ولو كان قد دانت له البلاد الإسلامية، ودانت له العرب لما
أسلموا، وصار هو الذي يأمر فيهم، ولكنه ما نصب نفسه كما ينصب الملوك أنفسهم،
فيتوسعون في الدنيا، بل كانت مساكنه مساكن لاطِئةً أي سقفها يناله إذا
مد يده؛ مساكن من الطين، وكذلك أيضًا كسوته ولباسه ونحو ذلك، ولما
خُيِّرَ عليه الصلاة والسلام بين أن تكون له بطحاء مكة ذهبًا اختار ألا تكون، واختار أن
يجوع يومًا، ويشبع يوما، يقول: فإذا جعت تضرعت
إليك، وذكرتكَ، وإذا شبعت حمدتك وشكرتك.. فهكذا اختار الله تعالى له التذلل
والعبودية، فلم يكن ملكا من الملوك، لا يطلب ملك آباء له، ولا يريد التملك
بنفسه، ولا ينزل نفسه منزلة الملوك.
ثم سأله السؤال
الثالث: هل قال هذا القول أحد قبله؟ فقال أبو سفيان لا.. ما ذكر أن أحدًا من قريش ولا
من العرب ادعى النبوة، ولا قال مثل هذه المقالة التي دعا إليها، وهي دعوة
الناس إلى التوحيد، ودعوة الناس إلى الإيمان بالله، وقال: إني نبي
يُوحَى إِلَيَّ، ما قال ذلك أحد قبله، فقال هرقل: لو كان قال ذلك أحد قبله، لقلتُ:
رَجُلٌ يَتَأَسَّى بقول قد قيل قبله، رجل يَتَّبِعُ
مَنْ قَبْلَهُ مِنَ الذين قالوا: إنهم أنبياء، وادعوا النبوة، ولم يكن
أحد قال ذلك من العرب، ولا عُرِفَ أَحَدٌ ادعى ذلك، فلما انفرد بذلك عُرِفَ
بأنه لم يكن له دافع يدفعه إلى هذه المقالة، فعرف بذلك أنه صادق فيما
قاله.
ثم لما أنه عليه
الصلاة والسلام أظهره الله، ونصره ادعى بعض المتنبئين أنهم أنبياء، وأنهم ينزل عليهم
الوحي، وتمكن بعضهم، فكان ممن ادعى النبوة مسيلمة مسيلمة أظهر أنه نبي، وكان قد وفد مع وفد
بني حنيفة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلموا إلا هو، فإنه قال: إن جعل لي محمد الأمر
من بعده بايعته !! يعني إذا جعل لي النبوة، أو جعل لي الملك من بعده بايعته،
وأسلمت، سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image003فجاء إليه النبي صلى الله عليه وسلم وبيده عصا، فقال: لو
سألتني هذه العصا ما أعطيتكها! ولئن ذهبت ليهلكنك الله، وما أظنك إلا
الرؤيا التي رأيتها سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image004
يقول الراوي: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image003إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: رأيت في يدي سوارين من ذهب، فَأَهَمَّنِي في المنام أَمْرُهُمَا، فَأُوحِيَ إِلَيَّ في المنام أنِ انفخهما! فنفختهما، فطارا، فَأَوَّلْتُهُمَا: كَذَّابَيْنِ، وهما صاحبُ صنعاء
وصاحبُ اليمامَة سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image004
.
فصاحب اليمامة هو مسيلمة فإنه
رجع، وجعل يَدَّعِي أنه نبي، وصَدَّقَهُ بعض الجهلة من بني حنيفة، ومن
ربيعة، وكانوا يتوافدون إليه.. يعلمون أنه كذاب، ولكن بعضهم يتعصب، حتى قال
بعضهم: كذاب ربيعة أحب إلينا من صادق مُضَر! لأن ربيعة -يعني قبيلة ربيعة-
ربيعة بن نزار منهم مسيلمة ومضر بن نزار منهم قريش، منهم
النبي صلى الله عليه وسلم، وبينهم منافسة؛ بين ربيعة ومضر. فالحاصل في هذا
أنه صلى الله عليه وسلم لَمَّا لَمْ يُبَايِعْهُ عرف بأنه سيكون له أمر،
وأنه سيدعي النبوة، فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم بايعه خلق كثير،
حتى زادوا عن مائة ألف من ربيعة، ومن مضر، ومن غيرهم، واشتهر أمره.


وقبل
أن يموت النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عمرو بن العاص أنه
وفد إليه -قبل أن يُسْلِمَ عمرو- فلما وفد إليه سأله: ماذا تحفظ مما
أنزل على صاحبكم؟ فقال: لقد أنزلت عليه سورة قصيرة عجيبة، وقرأ عليه سورة العصر،
ففكر مسيلمة قليلًا، ثم قال: لقد أنزل علي
مثلها !! ما هي؟ قال: يا وبر يا وبر!! إنما أنت أذنان وصدر!! وسائرك حقر حقر!! كيف
ترى يا عمرو ؟ فقال عمرو والله
إنك لتعلم أني أعلم أنك تَكْذِبُ !!! عَرَفَ أن هذا من الكذب، وأن هذا دليل على
أنه يَتَقَوَّلُ.


م
بعدما مات النبي صلى الله عليه وسلم، وكثر الذين بايعوه تنبأت امرأة من تميم،
يُقَال لها سجاح وبايعها خلق كثير، وغزت إلى مسيلمة ولما
وفدت إليه ومعها نحو أربعين ألف فارس خاف منها، ولكنه خدعها إلى أن دخلت
تحت ولايته، واستسلمت له، وبايعته، وتزوجها، وانضم جيشها إلى جيشه، ولما
اسْتُخْلِفَ أبو بكر رضي الله عنه أرسل جيشًا من
المسلمين بقيادة خالد بن الوليد رضي
الله عنه، فقاتلوا قوم مسيلمة وقتل مسيلمة في أثناء المعركة، وبعد ما قتل مسيلمة تفرق
من كان معه، ورجعوا إلى الإسلام. وأما سجاح فإنها أيضًا ادعت أنها نبية، وكانت
أيضًا تدعي أنه ينزل عليها قرآن، وهو من جنس أقوال الكهنة، وذُكِرَ أنها
أسلمت، ويقول فيها بعضهم:






أما سجاح يـا جهـول فأسلـمت

وربـك تـواب علـى كل تـائب







وأما
صاحب صنعاء فإنه رجل حبشي أو نحوه، يقال له الأسود
العنسي من قبيلة هناك، ادعى النبوة، ولما ادعى النبوة وكان في نجران استولى
على نجران ثم سار وصار يمشي في اليمن بلدةً
بلدة، إلى أن استولى على تلك البلاد كلها، وبايعوه إلى أن استقر في صنعاء وكان
هناك دعاة من الصحابة، فهربوا، لما أنه استفحل أمره هربوا إلى حضرموت كمعاذ وأبي
موسى وعلي وعَمَّار ونحوهم، ثم إن هناك اثنين من
المسلمين، عرفا أنه كذاب، وكانت امرأته أيضًا تعرف أنه كذاب، فوعدتهما على أن
ينقبا الباب، ويدخلا خلف الجدار، ففعلا ذلك، فقتلاه قبل موت النبي صلى
الله عليه وسلم بأيام قليلة.
وبكل حال هؤلاء
تنبئوا بعده، بعد ما نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن الله
تعالى كَبَتَهُمْ وأَذَلَّهُمْ، ولم يبقَ لهم شوكة، ولم يبق لهم أتباع؛
وذلك لأنه ظهر كذبهم. فهكذا يظهر كَذِبُ من ادعى النبوة وليس بصادق، قد
أخبر أيضًا النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيأتي بعده كذابون، يقول:
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image003لا تقوم الساعة حتى يخرج كذابون ثلاثون، كلهم يزعم أنه نبي!
وأنا خاتم النبيين، لا نبي بعدي سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image004
فيذكر بعض المشايخ أنه قد ظهر منهم سبعة
وعشرون، ويمكن أن الثامن والعشرين هو غلام أحمد القادياني الذي
ظهر في الهند وصدقه خلق كثير، لا يزالون يعرفون
بالقاديانية، فيكون قد ظهر هؤلاء الخلق الذين يَدَّعُون أنهم أنبياء، ولكن
الله تعالى كَبَتَهُمْ، وأظهر دينه الذي أرسل به نبيه، وأنزل عليه قوله
تعالى: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ
رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ
لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002.


سأله
السؤال الرابع عن أتباعه: مَنْ أتباعه؟ فقال: ضعفاؤهم.. هل ضعفاء الناس يتبعونه،
أم أشرافهم؟ فقال: بل ضعفاؤهم، فقال هرقل هم أتباع الرسل. وهذه سنة الله أن
الضعفاء هم الذين تلين قلوبهم، وتطمئن إلى الحق وتتبعه ، وتصدق مَنْ جاء
به، ذكر الله تعالى ذلك في الرسل، فهؤلاء قوم نوح يقولون:
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001أَنُؤْمِنُ لَكَ
وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا
كَانُوا يَعْمَلُونَ
إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ
تَشْعُرُونَ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002فأخبر بأن أتباعه هم الأرذلون، أراذل الناس، وصغارهم، وفقراؤهم، ونحو ذلك..
وفي سورة هود قال قوم نوح: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا
الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002يعني: ضعفاؤنا، وفقراؤنا، والصغيرون فينا، لم يتبعكَ الأشراف، ولم يتبعك الرؤساء
والقادة والسادة، فأجابهم بقوله: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ
آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002ثُمَّ قَالَ: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ
اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002أطردهم لأنهم اتبعوني على الحق ولو كانوا ما كانوا؟!
وكذلك قوم صالح في
سورة الأعراف، في قصة صالح قال الله تعالى:
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001قَالَ الْمَلَأُ
الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ
اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ
آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا
مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ
قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002هكذا آمن أولئك الذين هم الضعفاء سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001لِلَّذِينَ
اسْتُضْعِفُوا
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ
بِهِ مُؤْمِنُونَ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ
كَافِرُونَ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002فَدَلَّ ذلك على أَنَّ الذين استُضْعِفُوا هم الذين آمنوا بصالح ولم
يؤمن به الأكابر والذين استكبروا.. لماذا؟! لأن الضعفاء أقرب إلى أن تَرِقَّ
قلوبهم، أمَّا الأشراف فَيُخَيَّلُ إليهم أنهم إذا آمنوا، وقبلوا الإسلام
حِيلَ بينهم وبين رئاساتهم، وبين مناصبهم الرفيعة، وبين قياداتهم؛ لأنهم
لهم قادة، ولهم أتباع، وفيهم رئاسة، وفيهم شرف، وفيهم رفعة، فيقولون:
إذا كنا أتباعًا ذهب
أتباعنا، صرنا أتباعًا بعد أن كنا متبوعين، وصرنا تبعًا لغيرنا بعد أن كان الناس
يتبعوننا، فصرنا مرءوسين، بعد أن كنا رؤساء فلا يمكن أن نَتَصَغَّر وأن نتواضع
لغيرنا! وأن نترك شرفنا، وأن نترك منزلتنا!! مع أنهم يعرفون الحق!
قال الله تعالى: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001فَإِنَّهُمْ لَا
يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002.
ذكر ابن
كثير في تفسير قول الله تعالى في سورة الإسراء: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001نحن أعلم بما يستمعون به
إذ يستمعون إليك
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002ذكر أن أفرادًا من أكابر قريش كانوا يأتون إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم
وهو يصلي في الليل، ويرفع صوته بالقرآن، فيستمعون له.. هذا يَسْتَمِعُ من
جهة، وهذا يستمع من جهة! ثلاثة أيام وهم يستمعون، وبعضهم لا يدري بالآخر!
ولكن يجتمعون في الطريق إذا رجعوا، وبعد ثلاثة أيام اجتمع اثنان منهم
وسألا، وقالا: ما تقول فيما سمعت من محمد ؟! فكأنه أعجب به، وقال: إني قد سمعت قولًا لا يشبه قول السحرة،
ولا الكهنة، ولا الشعراء، ثم إنه ذهب إلى الثالث، وهو أبو جهل وسأله: ماذا تقول فيما سمعت من محمد ؟ .
فتكبر أبو
جهل وقال: إنا تفاخرنا نحن وبنو هاشم: أطعموا وأطعمنا، وسقوا وسقينا، وعملوا وعملنا،
حتى إذا كنا وإياهم كَفَرَسَيْ رهان، يعني: متساويين.. قالوا: منا نبي..!
من أين أن نحصل على هذا؟!! لا والله لا نصدقه أبدا!! فتركه. فهذا أبو
جهل خاف على شرفه، يقول: إذا اتبعناهم صرنا تابعين، إذا صدقناه صرنا تابعين، بعد أن كان
لنا مكانة، وكان لنا رفعة، وسَقَطَتْ منزلتنا، فهذا هو السبب الذي جعلهم
لا يصدقونه.
إنما صَدَّقَهُ ضعفاء
الناس، صَدَّقَهُ الموالي مثل عمار بن ياسر وأبوه ياسر وأمه وتُسَمَّى سمية وهي
التي قتلت على الإسلام، وكذلك صهيب وكان قينا، يعني: حدادًا، أو
صائغًا وَخَبَّاب وكذلك بلال ونحوهم من الموالي، صدقوه، ومع ذلك
قد صَدَّقَهُ بعض أشرافهم، ولكن احتقرهم أبو سفيان قد صدقه أبو بكر وعمر وكان عمر من أشرفهم وأشجعهم وعثمان وعلي وسعد وطلحة وعبد
الرحمن بن عوف وأبو عبيدة وكثير من أشراف قريش، ولكن رأى أبو
سفيان أنهم ليسوا من الأشراف الذين لهم مكانة، وصَدَّقُوه؛ لأنه اتضح لهم الحق.


سأله
سؤالًا خامسًا: هل يزيدون أم ينقصون؟ فقال: بل يزيدون، عند ذلك أخبره هرقل بأن
هذه سُنَّةُ الله، وأن الحق لا يزال يعلو ، ولا يزال يرتفع، إذا عرفه أهل
العقول وأهل الفهم، فلا بد أنهم يزيدون، ويدخلون في دين الله تعالى.

سأله سؤالًا سادسًا
فقال: هل يرتد أحد منهم سَخْطَةً لدينه بعد أن يَدْخُلَهُ؟ فقال: لا، فقال: كذلك
الإيمان إذا باشرت بشاشته القلوب، لا يسخطه أحد، وهذه حكمةٌ أنطق الله
تعالى بها هذا الملك الذي هو هرقل وتَدُلُّ على معرفته بالإيمان،
ومعرفته بالرسل، ومعرفته بدعوتهم، وأن دعوتهم دعوة إلى الإيمان بالله،
ودعوة إلى ما ينفع الأمة في دينها وفي دنياها، لا شك أن ذلك حقيقة، وأن
الإيمان إذا باشر القلوب، إذا وقر في القلب، وثبت ورسخ فيه لا يسخطه
أحد؛ ولأجل ذلك صبر عليه مَنْ صبر مع ما يُلَاقُون، فنعرف أن أتباع
الأنبياء السابقين صبروا على العذاب، وصبروا على الأذى من قومهم، ولم يرتدوا،
وأتباع نبينا صلى الله عليه وسلم كذلك، لَمَّا أن الإيمان باشرت بشاشته
قلوبهم صبروا، فصبروا على الأذى.
ومنهم آل ياسر، كان
النبي صلى الله عليه وسلم يَمُرُّ عليهم وهم يُعَذَّبُون، ويقول: صبرًا آل ياسر،
فإن موعدكم الجنة فصبروا حتى قُتِلَتْ أمه، وقُتِلَ
أبوه تحت العذاب.. صبرًا آل ياسر! كذلك أيضًا اشتهر أن بلالًا كان مملوكًا لِأُمَيَّةَ بن خَلَف فكان
يُعَذِّبُهُ.. يُلْقِيه في الشمس، ويجعل الصخرة الكبيرة الحامية على صدره، ويقول:
لا أخليك حتى تكفر بمحمد ! فيقول: أَحَدٌ أَحَدٌ، وكذلك أيضًا
وصل الأذى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ووصل أيضًا إلى كثير من
الصحابة أُوذُوا في ذات الله تعالى، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم حماه
الله تعالى بِعَمِّهِ أبي طالب أبو بكر حماه قومه الذين هم بنو تَيْمٍ.

وأما عمر فكان
شُجَاعًا قويًّا، لا يقدرون على أن يُعَذِّبُوه؛ لصرامته وقُوَّتِهِ، ولكن
رأى أيضًا أن يناله مثل ما نال غيره، فأرادوا أن يُعَذِّبُوه، ولكن انتقم
منهم. كذلك لما أسلم أبو ذر بمكة وأظهر إسلامه، أخذوا يضربونه حتى
خَلَّصَهُ بعضهم. فالحاصل أنهم أن الذين أسلموا معه بمكة هم ضعفاء الناس، حتى نصره الله
تعالى وأسلم معه الأنصار الذين بالمدينة .
ثم إن الذين أسلموا بمكة تركوا
أموالهم، وبلادهم، وديارهم، وهاجروا إلى الله تعالى، فعَوَّضَهُم الله
تعالى خيرًا مما تركوه لله سبحانه وتعالى، ومع ما نالهم من العذاب، ومن
الشدة، ومن الأذى، فإنهم صبروا لم يرتد أحد منهم سَخْطَةً لدينه.
اسْتُثْنِيَ من ذلك عبد
الله بن سعد بن أبي سرح وهو أخو عثمان لأمه، فإنه كأنه خُيِّلَ إليه أنه
مضطهد، أو نحو ذلك، فارْتَدَّ عن الإسلام، وأراد النبي صلى الله عليه وسلم لما
فتحت مكة أن يقتله، ولكن أجاره أخوه عثمان فقبل
ذلك منه، أما غيره فلم يكن أحد منهم ذُكِرَ أنه ارتد عن دينه سَخْطَةً لدينه.

سأله بعد ذلك سؤالًا
سابعًا فقال: هل قاتلتموه؟ قال: نعم، فَدَلَّ ذلك على أن الأنبياء قد شُرِعَ لهم
القتال.
سأله سؤالًا ثامنًا:
كيف كانت الحرب بينكم؟ فقال: سِجَالٌ.. ينال مِنَّا، وننال منه.. نال منهم في غزوة بدر وذلك
نَصْرٌ من الله، ونالوا منه في أحد وذلك تمحيص لهم، فيقول هرقل كذلك
الأنبياء يُنَالُ منهم، ثم تكون لهم العاقبة، العاقبة للتقوى، العاقبة والنصر والتمكين
لأهل التقوى.


سأله
بعد ذلك: هل يغدر؟ فقال: لا، ولكن نحن منه في مدة، لا ندري ما هو فاعل فيها؟!
وذلك في المدة التي تعاهدوا فيها في عهد الحديبية يقول أبو سفيان لم أتمكن من إدخال كلمة إلا هذه..!
يعني كأنه يقول: تمكنت وقلت هذا، مع أن هذا لا يفيده شيئًا! وهو صحيح...
يقول: إننا في هذه المدة، ولا ندري ماذا يفعل في بقية المدة؟ ولكن أقره على
أنه لا يغدر؛ وذلك لأن الغدر خيانة.
وقد كان النبي صلى
الله عليه وسلم يُحَذِّرُ من الغدر الذي هو الخيانة، ويذكر أنه صفة للمنافقين،
يقول: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image003أَرْبَعٌ من كُنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومَنْ كانت فيه
خَصْلَةٌ منهن
كان فيه خَصْلَةٌ من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن
خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image004
يعني: إذا كان له عهد وذمة فإنه يغدر، ويخون
في العهد، والله تعالى قد أمر بالوفاء بالعهود ، فقال تعالى: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ
إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002يعني: فيما بينكم، وأَكَّدَ عهد الله في قوله تعالى: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001وَأَوْفُوا بِعَهْدِ
اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002يعني: أنكم إذا قلتم: أعاهدك بالله، أو علي عهد الله ألا أخون، فإنك يَلْزَمُكَ
أن توفي بهذا العهد، وأن تفي به ولا تخون، وكذلك نزل قول الله تعالى:
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001وَالَّذِينَ هُمْ
لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002.
هذه الآيات وما
أشبهها تؤكد الوفاء بالعهد، فكان صلى الله عليه وسلم هو الذي، أو اشتهر بالوفاء بالعهد..
ذلك العهد الذي تعاهدوا على وضع الحرب بينه وبين قريش عشر سنين، وكان
الذين نقضوا العهد هم قريش ومَنْ دخل في عهدهم؛ وذلك لأنه لما تم هذا العهد
دخلت خُزَاعَةُ في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ودخلت بنو بكر في عهد
قريش، وكان بين بكر وبين خزاعة في الجاهلية قتال، وكانت خزاعة عيبة
نُصْحٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم -مؤمنهم وكافرهم- ثم في سنة ثمان
بعد العهد بسنتين حصل أنهم اجتمعوا على ماء خزاعة، وبنو بكر، فقال بنو
بكر: لماذا لا تأخذون بالثأر؟ فقد تمكنتم من خزاعة، فغدروا وجعلوا يقتلون من
خزاعة، واستمدوا قريشًا، فأمدتهم برجال، وأمدتهم بأسلحة، فكان ذلك خيانة من
قريش وبني بكر.
ولما وقعت هذه الخيانة
منهم أرسلت خزاعة وافدًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يُخْبِرُه بهذه
الخيانة، ويقال له نصر بن سالم، أو عمرو بن سالم دخل على النبي صلى الله عليه وسلم،
وأنشده ذلك الرجز الذي يقول فيه :
يـا ربِّ إني ناشد محمدا

حـلف أبينا وأبيه
الأتلـدا
إن قـريشًا أخلفوك
الموعدا
ونــقضوا ميثاقك
المؤكدا
هــم بيتونا بالوتير
هجدا
الوتير: هو الماء
الذي قاتلوهم فيه.
وقـتلونا ركعًا وسجدا

فانصر فداك الله
نصرًا أَيِّدا
وادعُ عباد الله
يأتوا مددا
فيهم رسول الله قد
تجردا
.. إلى آخرها، فعند
ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: نُصِرْتَ يا عمرو بن سالم .
فعند ذلك لما علم أبو
سفيان بأنه حصل منهم النقض جاء إلى المدينة يقول: جِئْتُ لأجدد العهد، وأزيد
في المدة، ولما جاء إلى المدينة لم يستقبل منه أحد، فجاء إلى أبي
بكر وقال: اشفع لي إلى محمد لعله يُجَدِّدُ العهد، فلم
يَقْبَلْ، وجاء إلى عمر وقال: اشفع لي إلى محمد فقال عمر لو
لم أَجِدْ إلا الذَّرَّ لَقَاتَلْتُكُمْ به!! فجاء إلى عَلِيٍّ فقال عَلِيٌّ أنت سيد من أشراف قريش، لك أن تجير
في الناس، فقال: وهل ذلك يغني؟ قال: افعل.. فوقف في الناس أبو سفيان وقال: أيها الناس، إنا قد أجرنا
العرب، فلا أحد يُقَاتِلُنَا، ولا أحد يَقْتَتِلُ، رجع إلى قريش وأخبرهم
بما قال، فقالوا: مكروا بك، ماذا تنفع إجارتك وأنت من الذين ساعدوا على
الخيانة؟! والحاصل أن هذا كان سببًا في فتح مكة وفي دخول أهل مكة في الإسلام،
فَدَلَّ على أن هذا وصفٌ للنبي صلى الله عليه وسلم: أنه أَوْفَى بالعهد، ولم
يَخُنْ، ولم يَغْدِرْ.


ثم
السؤال العاشر والأخير، سأله: ماذا يأمركم؟ بماذا يأمركم هذا النبي؟ وبماذا
يدعو؟ فاعترف بهذه الأوامر، أنه أولًا يقول: اعبدوا الله ولا تشركوا به
شيئًا، صدقه هرقل وقال: هذه دعوة الرسل التي
يَدْعُون إليها، يبدءون دعوتهم بالأمر بعبادة الله ، بقولهم: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001اعْبُدُوا اللَّهَ مَا
لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002ويأمرنا بالصلاة، والصدقة، والصلة... هذه أيضًا أوامر يدعو إليها كل عقل، فالصلاة
-وإن كانوا لا يعرفونها- لكنها عبادة، وكذلك أيضًا الصدقة، التي هي:
الزكاة، والترغيب في الصدقة التي هي من أفضل الْقُرُبات، والتي فيها المواساة،
يأمرهم بها، كذلك الصلة التي هي صلة الأقارب، وصلة الأرحام، اعترف بأن هذه مما يدعو إليها
النبي صلى الله عليه وسلم، فلما سأله هذه الأسئلة كأن هرقل عند ذلك صَدَّقَهُ، وقال: هذه صفات
نَبِيٍّ، وإن كان ما ذكرته حقًّا فسيملك موضعَ قَدَمَيَّ، يعني: في إيليا في بيت
المقدس وما حوله سيملك هذا المكان إذا كنت صادقًا.
يقول: ثم دعا بكتاب
النبي صلى الله عليه وسلم الذي أرسله إلى هرقل فلما وصل إليه اهْتَمَّ به، قرأ
هذا الكتاب بواسطة المترجم، وإذا فيه:
مِنْ محمد رسول
الله إلى هرقل عظيم الروم -يعني: أنه كان كبيرهم-
سلام على من اتبع الهدى، لم يُسَلِّمْ عليه؛ لأنه في ذلك الوقت مشركٌ
ونصراني، إنما أتى بالآية في سورة طه: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ
الْهُدَى
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002إن كنت ممن اتبع الهدى فإننا نُشْرِكُكَ في السلام، وإلا فالسلام على مَنِ
اتَّبَع الهدى.
أما بعد، فإني أدعوك
بدعاية الإسلام، يعني: أدعوك بالدعوة التي هي الإسلام الذي هو الإذعان، والذي هو
الانقياد لله تعالى، فإن الإسلام مُشْتَقٌّ من الإذعان ، يقال: أسلم البعير،
يعني: انقاد..استسلم، ويقال: أسلم العاصي، يعني استسلم وانقاد لمن كان يطالبه
أو يطلبه، وسُمِّيَ المسلمون بهذا الاسم؛ لأنهم انقادوا لأمر الله،
فهو يقول: اسْلَمْ تَسْلَمْ.. اسلم: يعني ادخل في هذا الإسلام.. تَسْلَمْ:
أي: تَسْلَمُ من الْخَسَار، وتسلم من النار، وتسلم من فَقْدِ ملكك،
وفَقْدِ ما أنت فيه، وفَقْدِ رئاستك، لو أسلم لَبَقِيَتْ له رئاسته، ولبقي له
شَرَفُهُ، أَسْلِمْ يُؤْتِكَ الله أجرك مرتين.
ورد ذلك في حديث أن
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image003ثلاثة يُؤْتَوْنَ أجرهم مرتين: رجل من أهل الكتاب آمن بكتابه
وآمن بي سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image004
يعني: آمن بكتابهم، يعني: ما فيه من التفاصيل
كالأناجيل، وآمن بي، فله أجران: أجر إيمانه بكتابه، وما
فيه، وأجر إيمانه بي، وإن كانت كتبهم قد نُسِخَتْ بهذا الكتاب الْمُنَزَّلِ
على نبينا صلى الله عليه وسلم. سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image003ومملوك أدى حق الله تعالى، وحق مواليه فله أجران، ورجل كان له
جارية فَأَدَّبَهَا، ثم اعتقها وتزوجها، فله أجران سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image004
فالحاصل: أنه لما قال: يؤتك الله أجرك مرتين،
يعني: على إيمانك بكتابك ومعرفتك به، وإيمانك بي... فإن
توليت فإن عليك إثم الإريسيين.. إذا أبيت من الإسلام فإن عليك إثمهم..
الأريسيون هم: الْحُرَّاث، والعوامُّ الذين في بلاده، وكانت تلك البلاد مشهورة
بالمزارعين الذين يزرعون الحبوب، وهم عَوَامُّ وجهلة، وهم يتبعونه لكونه
رئيسًا، ولكونه مُطَاعًا فيهم، وقد يدخل فيه أيضًا جميع مَنْ كان على دينه؛
النصرانية، يعني: عليك إثم هؤلاء النصارى الذين كنت أنت رئيسًا
فيهم، ومطاعًا فيهم إذا توليت.
ثم ذكر له هذه الآية
في سورة آل عمران: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001قُلْ يَا أَهْلَ
الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا
وَبَيْنَكُمْ أَلَّا
نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002وذلك لأنهم أهل كتاب، ولأجل ذلك عَرَفَ من كتبهم صفة النبي صلى الله عليه وسلم،
واعترف بأنه سيملك ما تحت قدميه، ويقول: لو خلصت إليه لَغَسَلْتُ قدميه،
لو تخلصت إلى محمد لأطعته.. حتى ولو أخدمه بأن أغسل
قدميه، فَلَمَّا كان مُطَاعًا كان إثم مَنِ اتبعه على الضلال يحمله عليه مثله. قال
الله تعالى: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001وَلَيَحْمِلُنَّ
أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002يعني: أوزارًا مثل أوزار الذين اتبعوهم، ى: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001[
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
alaa elbestawy
مشرف قسم بالمنتدى
مشرف قسم بالمنتدى



عدد المساهمات : 62
نقاط : 24200
مظهر الاعضاء : 0
تاريخ التسجيل : 15/02/2011

سلسلة حفظ أحاديث البخارى Empty
مُساهمةموضوع: رد: سلسلة حفظ أحاديث البخارى   سلسلة حفظ أحاديث البخارى Emptyالخميس مارس 03, 2011 6:12 pm


كتاب
الايمان


بَاب اْلايمَان وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ وَهُوَ قَوْلٌ وَفِعْلٌ
وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ





الحديث
الثامن


عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى
خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ
اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ
رَمَضَانَ





شرح
الحديث


لإسلام
في حقيقته هو اتباع الرسل عليهم السلام فيما
بعثهم الله به من الشرائع في كل زمان ، فهم الطريق لمعرفة مراد الله من عباده
، فكان الإسلام لقوم موسى أن يتبعوا ما جاء به من التوراة ، وكان الإسلام لقوم عيسى اتباع ما أنزل عليه من الإنجيل ، وكان الإسلام لقوم إبراهيم اتباع ما جاء به من البينات والهدى ، حتى جاء خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم ، فأكمل الله به
الدين ، ولم يرتض لأحد من البشر أن يتعبده بغير دين الإسلام الذي بَعث به
رسوله ، يقول الله عزوجل : { ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من
الخاسرين
} ( آل عمران : 85 ) ، فجميع الخلق بعد محمد صلى الله عليه وسلم ملزمون باتباع
هذا الدين ، الذي ارتضاه الله لعباده أجمعين .

ومن طبيعة هذا الدين
- الذي ألزمنا الله باتباعه - أن يكون دينا عالميا ، صالحاً لكل زمان ومكان ، شمولياً
في منهجه ، متيناً في قواعده ، راسخاً في مبادئه ؛ ومن هنا شبهه النبي صلى
الله عليه وسلم في الحديث الذي بين أيدينا بالبناء القوي ، والصرح العظيم ،
ثم بين في الحديث الأركان التي يقوم عليها صرح الإسلام
.

وأول هذه الأركان
وأعظمها كلمة التوحيد بطرفيها: " لا إله إلا الله ، محمد رسول
الله " ، فهي المفتاح الذي يدخل به العبد إلى رياض الدين ، ويكون به مستحقاً
لجنات النعيم ، أما الطرف الأول منها " لا إله إلا الله " فمعناه أن
تشهد بلسانك مقرا بجنانك بأنه لا يستحق أحد العبادة إلا الله تبارك وتعالى
، فلا نعبد إلا الله ، ولا نرجو غيره ، ولا نتوكل إلا عليه ، فإذا آمن
العبد بهذه الكلمة ملتزمًا بما تقتضيه من العمل الصالح، ثبته الله وقت الموت،
وسدد لسانه حتى تكون آخر ما يودع به الدنيا، و ( من كان آخر كلامه لا
إله إلا الله وجبت له الجنة
) .


أما شهادة أن محمداً
رسول الله ، فتعني أن تؤمن بأنه مبعوث رحمة للعالمين ، بشيراً ونذيراً إلى الخلق
كافة ، كما يقول الله سبحانه : { قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك
السماوات والأرض
لا إله إلا هو يحيي
ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله

وكلماته
واتبعوه لعلكم تهتدون
} ( الأعراف : 58 ) ، ومن مقتضى هذه الشهادة أن تؤمن بأن شريعته ناسخة
لما سبقها من الأديان ؛ ولذلك أقسم النبي صلى الله عليه وسلم فقال
: ( والذي نفس محمد بيده ، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ، يهودي ولا نصراني ، ثم يموت ولم يؤمن
بالذي
أرسلت به ، إلا كان من أصحاب
النار
) رواه مسلم ، ومن
مقتضاها أن تؤمن وتعتقد أن كل من لم يصدّق بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم
يتّبع دينه ، فإنه خاسر في الدنيا والآخرة ، ولا يقبل الله منه صرفا ولا
عدلا ، سواء أكان متبعا لديانة منسوخة أو محرفة أخرى ، أم كان غير متدين
بدين ، فلا نجاة في الآخرة إلا بدين الإسلام ، واتباع خير الأنام عليه
الصلاة والسلام .

ومن الملاحظ هنا أن
النبي صلى الله عليه وسلم جعل الشهادتين ركنا واحد ؛ وفي ذلك إشارة منه إلى أن العبادة
لا تتم إلا بأمرين ، هما : الإخلاص لله : وهو ما تضمنته شهادة أن لا إله إلا
الله ، والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو مقتضى الشهادة
بأنه رسول الله .

الركن الثاني : إقامة
الصلاة المفروضة على العبد ، فالصلاة صلة بين العبد وربه ، ومناجاة لخالقه سبحانه ،
وهي الزاد الروحي الذي يطفيء لظى النفوس المتعطشة إلى نور الله ، فتنير
القلب ، وتشرح الصدر .

وللصلاة مكانة عظيمة
في ديننا ؛ إذ هي الركن الثاني من أركان الإسلام ، وأول ما يحاسب عنه العبد يوم
القيامة ، وقد فرضها الله على نبيه صلى الله عليه وسلم في أعلى مكان وصل إليه
بشر ، وفي أشرف الليالي ، ففي ليلة الإسراء في السماء السابعة ، جاء
الأمر الإلهي بوجوبها ، فكانت واجبة على المسلم في كل حالاته ، في السلم
والحرب ، والصحة والمرض ، ولا تسقط عنه أبداً إلا بزوال العقل
.

وكذلك فإنها العلامة
الفارقة بين المسلم والكافر ، يدل على ذلك ما جاء في حديث جابر رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) رواه مسلم .

وثالث هذه الأركان :
إيتاء الزكاة ، وهي عبادة مالية فرضها الله سبحانه وتعالى على عباده ، طهرة لنفوسهم
من البخل ، ولصحائفهم من الخطايا ، كيف لا ؟ وقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم
: { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } ( التوبة : 103 ) ، كما أن فيها إحسانا إلى
الخلق ، وتأليفا بين قلوبهم ، وسدا لحاجتهم ، وإعفافا للناس عن ذل السؤال
.

وفي المقابل : إذا
منع الناس زكاة أموالهم كان ذلك سببا لمحق البركة من الأرض ، مصداقاً لحديث بريدة رضي الله عنه : ( ما منع قوم الزكاة إلا حبس الله عنهم القطر ) رواه الحاكم و البيهقي ، وقد توعد الله سبحانه وتعالى مانعي الزكاة بالعذاب الشديد في
الآخرة ، فقال تعالى : { ولا يحسبن الذين يبخلون
بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة
} ( آل عمران : 180 ) ، وقد جاء في
صحيح مسلم في شرح قوله تعالى
: { والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم
بعذاب أليم
} ( التوبة : 34 ) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها ، إلا إذا كان يوم
القيامة ،
صفحت له صفائح من نار ، فأحمي
عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه
وظهره ، كلما بردت أعيدت له ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى
يقضى
بين العباد ، فيرى سبيله إما إلى
الجنة وإما إلى النار
) ، فكان عقابه
من الله بماله الذي بخل به على العباد .

الركن الرابع : صيام
رمضان ، وهو موسم عظيم ، يصقل فيه المسلم إيمانه ، ويجدد فيه عهده مع الله ، وهو زاد
إيماني قوي يشحذ همته ليواصل السير في درب الطاعة بعد رمضان ، ولصيام
رمضان فضائل عدّة ، فقد تكفل الله سبحانه وتعالى لمن صامه إيمانا واحتسابا
بغفران ما مضى من ذنوبه ، ، وحسبُك من فضله أن أجر صائمه غير محسوب بعدد
.

أما خامس هذه الأركان
: فهو الحج إلى بيت الله الحرام ، ، وقد فرض في السنة التاسعة للهجرة ، يقول الله
تعالى : { ولله على الناس حج
البيت من استطاع إليه سبيلا
} ( آل عمران : 97 ) ، وقد فرضه الله تعالى تزكية
للنفوس ، وتربية لها على معاني العبودية والطاعة، فضلاً على
أنه فرصة عظيمة لتكفير الذنوب ، فقد جاء في الحديث : ( من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق ، رجع كيوم ولدته أمه ) رواه البخاري و مسلم .









بَاب أُمُورِ الْإِيمَانِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى{لَيْسَ
الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ
الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ
وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى
وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي
الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ
إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ
الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ}





الحديث
التاسع


عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ
مِنْ الْإِيمَانِ


شرح
الحديث


هذا الحديث بين فيه الرسول ـ
عليه الصلاة والسلام ـ أن الإيمان ليس خصلة واحدة ، أو شعبة واحدة ، ولكنه شعب كثيرة ؛ بضع وسبعون ، يعني من ثلاث وسبعين إلى تسع وسبعين ، أو بضع وستون شعبة ، ولكن أفضها كلمة واحدة
: وهي لا إله إلا الله ، هذه الكلمة لو وزنت بها السماوات والأرض لرجحت بها
، لأنها كلمة الإخلاص ، وكلمة التوحيد، الكلمة التي سأل الله أن يختم لي
ولكم بها ، من كانت آخر كلامه من الدنيا
دخل الجنة . هذه الكلمة هي أفضل شعب الإيمان ، ( وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ) ،
يعني إزالة الأذى عن الطريق ، وهو كل ما يؤذي المارين ، من حجر ، أو شوك ، أو
زجاج ، أو خرق ، أو غير ذلك ، كل ما يؤذي المارين إذا أزلته فإن ذلك من الإيمان
.



(والحياء شعبة من الإيمان ) وفي حديث آخر
: ( الحياء
من الإيمان )(121). والحياء : حالة
نفسية تعتري الإنسان عند فعل ما يخجل منه ، وهي صفة حميدة كانت خلق النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ فكان من خلقه ـ عليه الصلاة والسلام ـ الحياء ، حتى أنه كان أكثر حياء من
العذراء في خدرها ـ عليه الصلاة
والسلام ـ إلا أنه لا يستحي من الحق .



بَاب الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ
الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ



الحديث
العاشر


عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ
الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى
اللَّهُ عَنْهُ





شرح الحديث

قد ذكر العلماء فرقا بين الإسلام والإيمان؛ ولكن
كأن هذا الفرق عندما يجتمعان؛ كما في حديث
جبريل الذي سيأتي إن شاء الله، فقد
ذكر فيه الإيمان والإسلام، فيقولون: إذا ذكر الإسلام والإيمان فسر الإسلام بالأعمال الظاهرة
والإيمان بأعمال القلب، وأما إذا اقتُصر على واحد فإنه يدخل فيه الجميع، فإذا قيل: هذا مؤمن؛ دخل فيه الإسلام؛ دخلت فيه فعل
الصلاة وإقامتها وأداء الزكاة والشهادتان ونحو ذلك؛ أي أن ذلك كله داخل في خصال الإيمان؛ هذا من
جملة خصال الإيمان، وكذلك خصال الإسلام؛ إذا اقتُصر عليها دخل فيه التصديق، ودخل فيه العقيدة؛ كلها أيضا من الإسلام، وإذا ذكر
بعض الخصال فلا يدل ذلك على الحصر، وإنما يدل على أن هذا جزء منه.
في هذا الحديث ذكر خصلة من خصال الإسلام: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى
الله عنه سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002
فهل تقول
إن الإسلام فقط هو من سلم المسلمون من لسانه ويده؛ فلا تكون الصلاة من الإسلام ولا الزكاة،
ولا الصوم ولا الحج ولا العمرة ولا الجهاد؟ الجواب: أنه أراد بذلك ذكر خصلة من خصال الإسلام،
أو أراد بذلك علامة من علامات المسلم: أنه في الحقيقة هو الذي يكف شره عن الناس؛ أي عن المسلمين؛ فيكفّ لسانه فلا يعيب أحدا
ولا يثلب ولا يغتاب، ولا يقذف ولا يشتم ولا يلعن، ولا ينم ولا يؤذي بلسانه؛ بل يكف لسانه عن
ذلك كله؛ فيكون بذلك قد سلم المسلمون من لسانه، وكذلك أيضا يكف يده، فلا يعتدي على أحد؛ لا بقتل ولا بضرب ولا بجلد ولا بنهب
ولا بغير ذلك، فهذا متى كان كذلك أصبح أنه مسلم؛ يعني: مستسلم منقاد لأمر الله، يحترم
المسلمين ويعرف حقهم، وإذا عرف حقهم فما الذي حمله؟ حمله على ذلك ما في قلبه من التصديق القوي؛ فيكون
بذلك هذه الخصال
علامة على أنه مؤمن؛ لأنه إذا كف شره عن الناس؛ فبطريق الأولى أن يكف نفسه عن المعاصي؛ فلا
يستحل شيئا من حقوق غيره من الكفار ونحوهم. لا شك أن هذا هو الخصلة الظاهرة للمسلم.
ثم عرَّف المهاجر: من هجر ما نهى الله عنه؛ لأن الهجر هو بغض
الشيء وتركه، ومنه سمي المهاجر الذي أبغض بلده لكونها بلاد كفر، وانتقل منها إلا بلاد الإسلام؛
فإنه أيضا يسمى مهاجرا،
وذلك من الهجر؛ لأنه هجر بلده، وحيث إن الهجرة إنما هي خاصة بمن انتقل من بلد الكفر إلى بلد
الإسلام؛ فنقول: كذلك أيضا من هجر ما نهى الله عنه مع وجود الدوافع فإنه يصدق عليه أنه هاجر أو
هجر، فإذا دعته نفسه إلى القتل أو إلى الكبر، أو إلى البطش بالمسلمين أو إلى الظلم، أو إلى السلب والنهب أو إلى الاغتياب
والتنقص، أو دعته إلى فاحشة؛ دعته إلى زنا أو إلى ربا أو إلى خمر أو نحو ذلك؛ فإنه يكف نفسه ويمسكها
ويهجر هذه المحرمات، ويعلم أن في فعلها إثما؛ فيكون بذلك له أجر المهاجر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
alaa elbestawy
مشرف قسم بالمنتدى
مشرف قسم بالمنتدى



عدد المساهمات : 62
نقاط : 24200
مظهر الاعضاء : 0
تاريخ التسجيل : 15/02/2011

سلسلة حفظ أحاديث البخارى Empty
مُساهمةموضوع: رد: سلسلة حفظ أحاديث البخارى   سلسلة حفظ أحاديث البخارى Emptyالسبت مارس 05, 2011 12:58 am

بَاب أَيُّ الْإِسْلَامِ
أَفْضَلُ

الحديث
11


عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ قَالَ مَنْ سَلِمَ
الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ



هذه أيضا من خصال الإسلام ومن خصال الإيمان.
كان النبي صلى الله عليه وسلم
يجيب كل سائل بما يناسبه؛ فلأجل ذلك اختلفت
هذه الأجوبة؛ فمرة قال
: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002لعله ينصح إنسانا يتعدى على الناس؛ يتعدى على أعراضهم،
وعلى دمائهم، وعلى
أموالهم، وعلى محارمهم؛ فيحثه على أن يكف نفسه؛ فجعل
هذا هو المسلم؛ فكأنه
يقول: أيها الظالم كف نفسك، فإنك لا تكون
مسلما إلا إذا سلم المسلمون من
لسانك؛ بعيب أو ثلب أو نحو ذلك، وسلم
المسلمون من يدك؛ بأن لم تتعد عليهم؛
فإذا لم يسلموا فإنك لم تحقق صفة الإسلام.

إذا كنت تمد يدك وتمد لسانك،
إذا كنت تتكلم في المسلمين؛ عيبا وقدحا وسخرية ونحو ذلك، أو تضرهم
بيدك؛ تنهب
أموالهم أو تجحدها، أو تضرب من قدرت عليه سواء باليد أو بآلة أو
نحوها؛
فأنت قد نقضت إيمانك ونقصت إسلامك
.


بَاب إِطْعَامُ الطَّعَامِ مِنْ
الْإِسْلَامِ



الحديث
12


عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ قَالَ تُطْعِمُ الطَّعَامَ وَتَقْرَأُ
السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ



وسأله آخر عن الإسلام فأرشده إلى هذا الجواب،
وذكر له رد السلام وإطعام الطعام؛ فقوله: تطعم الطعام؛ كأن الذي
سأله عنده
جِدَة وعنده ثروة ومال، وكأنه أيضا لاحظ عليه عدم رد السلام، أو
عدم
ابتداء السلام؛ فجعل هذه من خصال الإسلام، ومن خصال الإيمان
.

يقول:
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002
إطعام الطعام؛ يعني الصدقة أي: تتصدق على الفقراء وعلى
المساكين وعلى
المستضعفين؛ بأن تصلح لهم طعاما، وتدعوهم فيأكلوا حتى
يشبعوا، أو تعطيهم ما
يكفيهم في منازلهم، ويختص هذا بمن قصد بذلك
الأجر، ويدخل في ذلك أيضا جميع
الصدقات؛ صدقة على ذوي القربى، وصدقة على
اليتامى ونحوهم؛ أي المذكورين في
الآية الكريمة: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image004وَآتَى الْمَالَ عَلَى
حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ
السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image005
كل هؤلاء إذا أطعمتهم، فإن هذا الإطعام من خصال
الإسلام،
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001تطعم الطعام، وتقرأ السلام سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002


تقرأ السلام؛ يعني: تبتدئ من لقيته بالسلام؛
سواء عرفته أو لم تعرفه، وقد أمر الله تعالى بالسلام في قوله تعالى
:
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image006لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا
غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image005
وفي قوله تعالى: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image006فَإِذَا دَخَلْتُمْ
بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image005
يعني: على من كان فيها، فإنهم منكم وإخوانكم؛ فجعل
السلام من خصال المسلمين، وقال
:
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image006تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ
اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image005
فرد السلام وابتداؤه من خصال الإسلام، وابتداؤه أفضل؛
ولكن قالوا
: الابتداء بالسلام سنة ورده واجب؛ يعني: أنك إذا ابتدأت من لقيته بالسلام فهذه
خصلة من خصال الخير؛ فعلتها وسبقته إليها، وأما إذا ابتدأك فإنه يجب
عليك
أن ترد عليه فتقول: عليكم السلام، أو وعليكم السلام
.


قيل: إن السلام كلمة دعاء؛ ولأجل ذلك جاءت
في القرآن كثيرا بالتنكير كقوله تعالى
: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image006إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ
فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image005
وكذلك في آيات كثيرة: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image006سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image005سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image006لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا
لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image005سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image006وَالْمَلَائِكَةُ
يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ
فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image005سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image006وَقَالَ لَهُمْ
خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image005
وأشباه ذلك مذكور بكلمة سلام. فتكون دعاء؛ يعني: سلمكم
الله؛ سلمكم الله
من كل الشرور التي تخشونها، فيكون هذا دعاء؛ لكن إذا
جاء معرفا كقوله
: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image006وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ
الْهُدَى
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image005
وقول عيسى سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image006وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ
وُلِدْتُ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image005
فإن هذا قيل: إنه اسم من أسماء الله؛ من أسماء الله
السلام، كما ذكر في آخر سورة الحشر
: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image006هُوَ اللَّهُ الَّذِي
لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ
سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image005
فعلى هذا كأنك إذا قلت: السلام عليكم؛ أي اسم الله
عليكم؛ الذي يعمكم
بالخير، ويعمكم بالبركة، وأشباه ذلك؛ فتحصَّل أن رد
السلام من الإسلام،
وكذلك ابتداؤه على من عرفت ومن لم تعرف؛ يعني: على
أجنبي لا تعرفه، أو على
صاحب تعرف اسمه، وتعرف من هو.

جاء الأمر بالسلام في
عدة أحاديث، فذكروا أن
ابن عمر رضي الله عنه كان يدخل كثيرا في الأسواق؛
فدخل مرة ومعه
الطفيل بن أُبَيِّ بن كعب فقال له الطفيل ماذا تصنع بالسوق وأنت لا تشتري ولا تبيع؟
وكان
الطفيل ذا بطن، فقال: يا أبا بطن: إنما ندخل لأجل
السلام؛ إن النبي صلى الله عليه وسلم قال
: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001تسلم على من عرفت ومن لم تعرف سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002فأفاد هذا أن السلام سنة؛ يعني ابتداؤه، وأن رده واجب.








بَاب مِنْ الْإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ
لِنَفْسِهِ





الحديث
13





عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ
لِنَفْسِهِ


شرح
الحديث


وهذا
أيضا من الأعمال القلبية. المحبة عمل قلب، ومن جملتها المحبة الخاصة والمحبة
العامة، فمحبة الله تعالى ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم من الإيمان. تذكرون الحديث المشهور
قوله صلى الله عليه وسلم: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله
أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في
الكفر بعد إذ أنقذه الله منه؛ كما يكره أن يقذف في النار سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002
؛ فهذا دليل
على أن المحبة من الإيمان.
المحبة تطلق على
المودة التي في القلب، وتطلق على حب الشيء؛ يعني إيثاره، وهي معروفة في اللغة، ومعروفة في
الشرع، وقد كثر الذين تكلموا في تعريفها، عرَّفها كثير من العلماء: منهم ابن
القيم رحمه الله؛ ألف كتابا اسمه روضة المحبين ونزهة
المشتاقين ذكر فيه تعريف المحبة؛ فذكر نحو ثلاثين تعريفا، وكذلك تكلم عليها
في كتابه الكبير؛ شرح المنازل مدارج السالكين، لما أتى على المحبة ذكر
تعريفات لها كثيرة، ثم إن كثيرا من العلماء قالوا: المحبة لا تحتاج
إلى تعريف، والتعريفات لا تزيدها إلا غموضا؛ فتبقى على ما هي عليه.

في هذا الحديث أخبر
بأن المحبة تجب بين المؤمنين، وأنها من خصال الإيمان؛ سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002؛ يعني: لا
يكون كامل الإيمان إلا إذا كان كذلك، والإيمان بلا شك أنه يتفاوت؛ فيكون مؤمنا ولكن ناقص
الإيمان إذا كان يكيد لإخوانه، ويحسدهم ويظلمهم، ويعاملهم بما فيه ضرر
عليهم؛ فإنه والحال هذه يعتبر ناقص الإيمان، وأما إذا كان يحب لهم الخير،
ويدلهم عليه فإنه يعتبر كامل الإيمان، أو فيه خصلة شريفة رفيعة من خصال الإيمان.


وقد
أطال العلماء في شرح هذا الحديث؛ بأنه يجب على المسلم أن يحب لإخوانه المسلمين
ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لنفسه، وأن لا يستبد بمصلحة ..ويفسد بها إخوانه؛ يحسد عنها، ثم
يدخل في ذلك أمور الدين والدنيا؛ أي: واجب عليك أن تحب لهم ما تحبه
لنفسك من أمور الطاعة، فإذا كنت تحب لنفسك أن تكون من المطيعين فكذا لإخوانك،
وإذا كنت تحب لنفسك أن تكون من المصلين، ومن المواظبين على الصلاة فكذا
للمسلمين.
وإذا أحببت لنفسك أن
تكون من المتطوعين؛ الذين يتطوعون بالصلوات وبالصيام ونحو ذلك، أو الذين يتطوعون ويتقربون
بالصدقات، والذين مثلا يتقربون إلى الله بمناسك الحج والعمرة، والذين
يتقربون إلى الله ويحصلون على حسنات؛ بعملهم الأعمال الصالحة النافعة والمتعدية والقاصرة؛ يعني:
كالتسبيح والتحميد؛ تعرف مثلا أنك تحبه لنفسك؛ لأنه حسنات، وكذلك الذكر
بأنواعه؛ لأنه حسنات، وكذلك أيضا قراءة القرآن؛ لأن فيها حسنات؛ فأنت تحب
هذا لنفسك، فعليك أن تدل عليه إخوانك، وأن ترشدهم إليه، وأن تذكرهم بأن
هذا من أعمال الخير؛ أحببته لنفسي وعملت به بقدر استطاعتي، فأنا آمرك أيها
الأخ؛ لأني أحب لك الخير وأحب لك ما أحبه لنفسي، فإذا كان كذلك فإنه سيقبل
ذلك منك، ويقول: ما نصحني إلا لصداقته ولصدق أخوته، فالمؤمنون إخوة، فهذا
أخ لي قد محضني النصيحة.
وكذلك أيضا
ضد ذلك؛ تحب لنفسك السلامة من الظلم والسلامة من الاعتداء، تحب لنفسك السلامة
من الكبر والإعجاب، تحب لنفسك السلامة من الحسد والبغضاء والعداوة بين
المسلمين، تحب لنفسك السلامة من المعاصي؛ السلامة من شرب الخمور وفعل فواحش
الزنا ونحوه، وتحب لنفسك السلامة من المعاملات الربوية ونحوها، والسلامة
من الغش في المعاملات، والسلامة من الحسد ومن الاختيال، ومن الظلم ومن
الغرر في المعاملات وما أشبهها؛ فعليك أن تدل إخوانك على ذلك، وتبين لهم
أن هذا محرم، وأن علينا جميعا أن نترك المحرم.
وأما الأمور الدنيوية
فهي كذلك أيضا، وهي التي يستبد كثير من الناس بالمصالح الدنيوية.
الواجب أنه لا يستبد
بذلك، وأن عليه أن يبين الخصال المفيدة، وأن عليه أن يحرص كل الحرص على أن يبذل ما
يستطيعه من النفع لإخوانه المسلمين، وألا يحسدهم.
فمثاله: إذا رأيت
سلعا فيها ربح فقلت: أختص بها دون غيري، ولا أشرك فيها فلانا ولا فلانا ولا
أحدا؛ فإن هذا من الحسد؛ ما أحببت لهم الخير الذي أحببته لنفسك، وكذلك
إذا رأيت مثلا مصلحة دنيوية في سلعة من السلع، وفي أجرة أو في تجارة أو
شركة، أو وظيفة أو نحو ذلك فقلت: أختص بها، أو أخص بها نفسي وولدي ولا أعطي
فيها أحدا؛ فإنك بذلك ما أحببت للمسلمين ما تحبه لنفسك.

الواجب على المسلم أن
يحب لنفسه الخير، ويحبه لإخوانه؛ خير الدنيا والآخرة، فالذين مثلا
يحسدون الناس عند المصالح الدنيوية ما عملوا بهذا الحديث، وكذلك الذين
يستأثرون ببعض المصالح والأرباح والتجارات، وهكذا الذين يضرون إخوانهم،
ويضايقونهم في أملاكهم وفي أموالهم ما عملوا بهذا الحديث.
فالحاصل أن هذا الحديث
حديث جامع؛ يدخل فيه ما تحبه لنفسك من الطاعة، وما تكرهه لنفسك
من المعصية، وما تحبه لنفسك من المنافع الدنيوية، وما تكرهه لنفسك من
المضار الدنيوية؛ أن عليك أن تساوي إخوانك في هذه الخصال كلها.

س: ما
المراد بنفي الإيمان هنا يا شيخ؟ قوله
: سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image001لا يؤمن أحدكم سلسلة حفظ أحاديث البخارى Clip_image002ما المراد بنفي الإيمان هنا؟
لا يكون كامل
الإيمان؛ يعني: مثل الخصال التي تقدمت؛ لا يكون كامل الإيمان، ولا يكون مؤمنا حقا؛ بل
إيمانه ناقص، وهذا دليل على أن هذه الأعمال من مسمى الإيمان، وأن من
لم يتصف بها فإنه لا يكون مؤمنا حقا؛ بل نقول: إنه مؤمن ناقص الإيمان، أو
مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سلسلة حفظ أحاديث البخارى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سلسلة سير أعلام النبلاء
» سلسلة نصائح طبية
» سلسلة سير أعلام النبلاء
» سلسلة فتاوى دينية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى ابن مصر ــــــــــــــــــــــــــــ ebn masr site :: القسم الاسلامي :: حديث وسنه-
انتقل الى: